من القسم الأوّل يجب القطع بحصوله ، بلا فرق بين أن يكون الأمر في مقام الاثبات متعلقاً بنفس الغرض أو بعلّته ، ففي مثله لو دار الأمر بين الأقل والأكثر كان مورداً للاحتياط ، فيجب الاتيان بالأكثر تحصيلاً للقطع بغرض المولى ، ولو علمنا كون الغرض من القسم الثاني فلا إشكال في أنّ حصول الغرض ليس متعلقاً للتكليف لعدم صحّة التكليف بغير المقدور ، فلا يجب على المكلف إلاّ الاتيان بما أمر به المولى وهو نفس الفعل المأمور به. وفي مثله لو دار الأمر بين الأقل والأكثر وجب الاتيان بالأقل ، للعلم بوجوبه على كل تقدير ، وكان وجوب الأكثر مورداً للأصل لعدم العلم به. وأمّا لو شككنا في ذلك ولم نعلم بأنّ الغرض من القسم الأوّل ليجب الاحتياط عند دوران الأمر بين الأقل والأكثر ، أو من القسم الثاني ليرجع إلى أصالة البراءة عن الأكثر ، فلا مناص من الرجوع إلى الأمر ، فإن كان متعلقاً بالغرض كالأوامر المتعلقة بالطهارة من الحدث في مثل قوله تعالى : «إِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا» (١) يستكشف منه كون الغرض مقدوراً لنا ، لأنّه لو لم يكن مقدوراً لم يأمر المولى الحكيم به ، لقبح التكليف بغير المقدور ، فيجب الاحتياط عند دوران الأمر بين الأقل والأكثر تحصيلاً للعلم بغرض المولى ، وإن كان متعلقاً بفعل المأمور به كالأوامر المتعلقة بالصلاة والصوم ونحوهما ، يستكشف منه كون الغرض غير مقدور لنا ، وإلاّ كان تعلّق الأمر به أولى من تعلّقه بالمقدّمة ، فلا يجب الاحتياط عند دوران الأمر بين الأقل والأكثر. والمقام من هذا القبيل ، فانّ الأمر قد تعلّق بنفس الفعل المأمور به ويستكشف منه أنّ الغرض ليس متعلقاً للتكليف ، فلا يجب علينا إلاّالاتيان بما علم تعلّق التكليف به وهو الأقل ، وأمّا الأكثر فيرجع فيه إلى الأصل.
__________________
(١) المائدة ٥ : ٦