وفيه : ما تقدّم في بحث الصحيح والأعم (١) من أنّ المترتب على المأمور به غرضان ، أحدهما : الغرض الأقصى الذي نسبته إلى المأمور به نسبة المعلول إلى العلل الاعدادية ، فليس مقدوراً للمكلف ولا متعلقاً للتكليف. ثانيهما : الغرض الاعدادي الذي نسبته إلى الفعل المأمور به نسبة المعلول إلى علّته التامّة ، وقد يعبّر عنه في كلام بعض الأساطين (٢) بسد باب العدم من ناحية هذه المقدّمة ، أي الفعل المأمور به ، فعلى القول بوجوب تحصيل الغرض يجب الاتيان بالأكثر تحصيلاً للعلم بهذا الغرض الذي تكون نسبته إلى المأمور به نسبة المعلول إلى علّته التامّة ، فكون الغرض الأقصى خارجاً عن قدرة المكلف لا يفيد في دفع الاشكال ، بعد الالتزام بوجوب الاحتياط ، فيما إذا كان الغرض مترتباً على المأمور به ترتب المعلول على العلّة التامّة ، لأنّ الغرض الاعدادي الذي نشك في حصوله باتيان الأقل يكفي لوجوب الاحتياط والاتيان بالأكثر.
والصحيح في الجواب أن يقال : إنّه إن كان الغرض بنفسه متعلقاً للتكليف كما إذا أمر المولى بقتل زيد ، ففي مثل ذلك يجب على المكلف إحراز حصوله والاتيان بما يكون محصّلاً له يقيناً. وأمّا إن كان التكليف متعلقاً بالفعل المأموربه ، فلا يجب على العبد إلاّالاتيان بما أمر به المولى ، وأمّا كون المأمور به وافياً بغرض المولى فهو من وظائف المولى ، فعليه أن يأمر العبد بما يفي بغرضه ، فلو فرض عدم تمامية البيان من قبل المولى لا يكون تفويت الغرض مستنداً إلى العبد ، فلا يكون العبد مستحقاً للعقاب.
__________________
(١) [لم يُذكر في بحث الصحيح والأعم على ما في التقريرات وإنّما ذُكر في بحث مقدّمة الواجب ، راجع محاضرات في اصول الفقه ٢ : ٢١٧ ـ ٢١٨]
(٢) نهاية الأفكار ٣ : ٤٠٦