والمقام من هذا القبيل بعينه ، فانّ وجوب الأقل هو المتيقن ، وبضميمة أصالة عدم وجوب الأكثر يحرز حال الفرد ويتعيّن في الأقل ، فلم يبق مجال لجريان استصحاب الكلّي.
وبالجملة الرجوع إلى القسم الثاني من استصحاب الكلّي إنّما هو فيما إذا كان الفرد الحادث مردداً بين المرتفع والباقي ، وأمّا لو كان أحد الفردين متيقناً والآخر مشكوكاً فيه ، فيجري الأصل فيه بلا معارض ، فلا تصل النوبة إلى استصحاب الكلّي.
وثانياً : أنّ الاستصحاب المذكور ـ على تقدير جريانه في نفسه ـ معارض باستصحاب عدم تعلّق جعل التكليف بالأكثر لو لم نقل بكونه محكوماً ، فيسقط للمعارضة أو لكونه محكوماً.
وأمّا التمسّك بالاستصحاب للبراءة فتقريبه بوجوه :
التقريب الأوّل : استصحاب عدم لحاظ الأكثر حين جعل التكليف.
وفيه أوّلاً : أنّ عدم اللّحاظ ليس حكماً شرعياً ولا موضوعاً لحكم شرعي ، فلا معنى لجريان الاستصحاب فيه.
وثانياً : أنّ الأمر في المقام دائر بين لحاظ الأقل بشرط شيء الذي هو عبارة عن لحاظ الأكثر ، وبين لحاظ الأقل بنحو اللا بشرط القسمي ، بعد العلم الاجمالي بتحقق أحدهما لاستحالة الاهمال في مقام الثبوت ، وكما أنّ لحاظ الأقل بشرط شيء مسبوق بالعدم ومشكوك الحدوث ، كذلك لحاظ الأقل بنحو اللا بشرط القسمي أيضاً مسبوق بالعدم ومشكوك الحدوث ، فجريان الاستصحاب في كل منهما معارض بجريانه في الآخر.
التقريب الثاني : استصحاب عدم الجزئية لما هو مشكوك الجزئية ، وحيث