الصورة الثانية : أن يعلم وجوب فعل في الجملة ، وعلم أيضاً سقوطه عند الاتيان بفعل آخر ، ودار الأمر بين أن يكون الفعل الثاني عدلاً للواجب ، ليكون الوجوب تخييرياً بينه وبين الواجب الأوّل ، أو مسقطاً له لاشتراط التكليف بعدمه كالقراءة الواجبة في الصلاة المردّدة بين أن يكون وجوبها تعيينياً مشروطاً بعدم الائتمام ، أو يكون تخييرياً بينهما على ما مثّلوا. وفي التمثيل بها للمقام إشكال سيجيء التعرّض له قريباً (١) إن شاء الله تعالى. وتظهر الثمرة بين الاحتمالين فيما إذا عجز المكلف عن القراءة ، فانّه على تقدير كون الوجوب تخييرياً يتعيّن عليه الائتمام ، كما هو الحال في كل واجب تخييري تعذّر عدله. وعلى تقدير كون وجوب القراءة تعيينياً مشروطاً بعدم الائتمام لا يجب عليه الائتمام.
ثمّ إنّ هاتين الصورتين على طرفي النقيض ، فانّ وجوب ما يحتمل كونه عدلاً للواجب الأوّل معلوم في الجملة في الصورة الاولى ، إنّما الشك في أنّ الاتيان به مسقط للامتثال بالواجب الأوّل أو لا. وأمّا في الصورة الثانية فالمسقطية متيقنة ، إنّما الشك في كونه عدلاً للواجب الأوّل ليكون واجباً تخييرياً ، أو أنّ عدمه شرط لوجوب الواجب (٢).
__________________
(١) في ص ٥٢٣ ـ ٥٢٤
(٢) بل هاتان الصورتان على طرفي النقيض في مراحل ثلاث : الاولى : في نفس التكليف المعلوم ، فانّ وجوب ما يحتمل كونه عدلاً للواجب الأوّل معلوم في الجملة في الصورة الاولى ، إنّما الشك في أنّ الاتيان به مسقط للواجب أم لا. وأمّا الصورة الثانية فالمسقطية متيقّنة إنّما الشك في وجوبه كما ذكر (دام ظلّه). الثانية : في ظهور الثمرة ، فانّ الثمرة في الصورة الاولى تظهر فيما إذا تمكن المكلف منهما بخلاف الصورة الثانية فانّ الثمرة فيها فيما إذا تعذّر ما علم وجوبه. الثالثة : في الحكم فانّ الحكم في الصورة الاولى هو التخيير بخلاف الصورة فانّ الحكم فيها هو التعيين وتتّضح هذه المراحل بما في المتن