وفيه : ما ذكرناه في محلّه (١) من أنّ الأوامر المتعلقة بالأجزاء والشرائط ليست أوامر مولوية ، بل هي إرشاد إلى الجزئية أو الشرطية حسب اختلاف المقامات ، كما أنّ النهي عن الاتيان بشيء في الواجب إرشاد إلى المانعية لا زجر مولوي عنه ، وعليه فلا مانع من التمسك باطلاق الأمر المتعلق بالجزء أو الشرط لاثبات الجزئية أو الشرطية المطلقة ، فتكون النتيجة سقوط الأمر بالمركب أو المقيد عند نسيان الجزء أو الشرط على ما تقدّم بيانه.
المقام الثاني : فيما إذا لم يكن لدليل الجزئية أو الشرطية إطلاق ولا لدليل الواجب إطلاق ، فلا بدّ فيه من البحث عن مقتضى الاصول العملية ، وتحقيق الكلام في هذا المقام يقتضي البحث في موردين : المورد الأوّل : ما إذا لم يتمكن المكلف من الاتيان بالعمل مستجمعاً لجميع الأجزاء والشرائط بعد نسيان جزء أو شرط منه. المورد الثاني : ما إذا تمكن من ذلك.
أمّا المورد الأوّل : فالشك في الجزئية أو الشرطية المطلقة فيه ملازم للشك في وجوب غير المنسي من الأجزاء والشرائط ، فانّه إذا أمر المولى عبده بالوقوف في يوم معيّن من طلوع الشمس إلى الزوال مثلاً ، ونسي المكلف فلم يقف ساعة من أوّل النهار ، وشكّ في أنّ جزئية الوقوف في هذه الساعة مطلقة ليترتب عليها سقوط الأمر بالوقوف في الساعات المتأخرة أو أنّها مقيّدة بحال الذكر ليكون الأمر متعلقاً بالوقوف في الساعات المتأخرة ، فلا محالة يكون الشك في الاطلاق والتقييد شكاً في التكليف بغير المنسي من الأجزاء والشرائط فيكون المرجع هو البراءة ، ويحكم بعدم وجوب الاتيان بغير المنسي من الأجزاء والشرائط. وهذا واضح.
__________________
(١) محاضرات في اصول الفقه ٣ : ٣٥٠ ـ ٣٥١