وأمّا المورد الثاني : فيكون الشك في إطلاق الجزئية أو الشرطية أو تقييدهما بحال الذكر شكاً في جواز الاكتفاء بما أتى به من الأجزاء والشرائط وعدمه ، فانّه إذا نسي المكلف جزءاً من الصلاة وتذكر بعد تجاوز محلّه ، فان كانت الجزئية مطلقة لزمه إعادتها والاتيان بها مستجمعةً لجميع الأجزاء والشرائط.
وإن كانت الجزئية مقيّدة بحال الذكر اكتفى بما أتى به ، ولا تجب عليه الاعادة ، لأنّ العمل المأتي به حينئذ لم يكن فاقداً لشيء من الأجزاء والشرائط ، فينطبق المأمور به على المأتي به. وعليه فيكون المرجع أيضاً هو البراءة عن وجوب الجزء أو الشرط حال النسيان ، بعد ما عرفت (١) من إمكان تكليف الناسي بغير ما نسيه من الأجزاء والشرائط.
وبعبارة اخرى : بعد العلم بوجوب الصلاة وبجزئية التشهد مثلاً المرددة بين الاطلاق والتقييد بحال الذكر ، تردد الواجب بين خصوص المشتمل على التشهّد أو الجامع بينه وبين الفاقد له حال النسيان ، فيكون القدر الجامع معلوماً إنّما الشك في خصوص المشتمل على التشهد على الاطلاق ، فيؤخذ بالقدر المتيقن ، وهو وجوب التشهّد حال الذكر ، ويرجع إلى البراءة في المشكوك فيه وهو التشهّد حال النسيان. هذا بناءً على ما هو الصحيح من إمكان تكليف الناسي على ما تقدّم بيانه. وأمّا بناءً على استحالته ، فما صدر من الناسي غير مأمور به يقيناً ، فالشك في صحّته وفساده يكون ناشئاً من الشك في وفائه بغرض المولى وعدمه ، فلا مناص من الرجوع إلى قاعدة الاشتغال ، والحكم بوجوب الاتيان بالعمل مستجمعاً لجميع الأجزاء والشرائط ، لأنّ سقوط الأمر بالاتيان بغير المأمور به يحتاج إلى دليل مفقود في المقام على الفرض. وهذه هي الثمرة التي أشرنا إليها (٢)
__________________
(١) في ص ٥٣٣ ـ ٥٣٤
(٢) في ص ٥٣٢ ـ ٥٣٣