حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ» (١) ففي مثل ذلك يجعل الحكم على الموضوع المقدّر على نحو القضيّة الحقيقية ولا رافع له إلاّالنسخ ، فإذا شكّ في بقائه لاحتمال النسخ يتمسّك بالاستصحاب ، ويحكم ببقائه بلا دخل لوجود الموضوع في الخارج وعدمه.
الثاني : أن يستصحب الحكم الكلّي عند الشك في بقائه لأجل الشك في سعة موضوعه وضيقه ، كما إذا شككنا في حرمة وطء الحائض بعد انقطاع الدم قبل الاغتسال. ولا إشكال أيضاً في عدم توقف جريان الاستصحاب فيه على تحقّق الموضوع في الخارج ، بل الفقيه يجري الاستصحاب مبنياً على الفرض والتقدير كما تقدّم ، فانّ فتاوى الفقيه كلّها مبتنية على فرض وجود الموضوع ومفاد (لو) فيقول لو صار شخص جنباً وجب عليه الغسل ، ولو أفطر أحد عمداً في شهر رمضان كان عليه كذا من الكفارة ، وهكذا.
والفرق بين هذا القسم والقسم السابق بعد اشتراكهما في عدم توقف الاستصحاب على وجود الموضوع خارجاً : أنّ الشك في هذا القسم شك في مقدار المجعول من أوّل الأمر ، وأنّ الموضوع في القضيّة الحقيقية المجعولة أمر وسيع أو ضيّق.
وأمّا القسم الأوّل فليس الشك فيه ناشئاً من الشك في حدّ الموضوع ، بل من احتمال النسخ وعدم بقاء الحكم في عمود الزمان ، ولذا كان الشك في القسم الثاني ناشئاً من تبدّل خصوصية في الموضوع ، مع القطع بعدم النسخ ، بخلاف القسم الأوّل فانّ الشك فيه ناشئ من احتمال النسخ مع القطع بعدم تبدّل شيء من خصوصيات الموضوع ، فالقسمان من هذه الجهة متعاكسان.
الثالث : أن يستصحب الحكم الجزئي الثابت لموضوع شخصي عند الشك في بقائه وزواله لأجل الطوارئ الخارجية ، مع إحراز الحكم الكلّي من جهة
__________________
(١) البقرة ٢ : ١٧٩