والصحيح جوازه مطلقاً ، إذ المعتبر في تحقق العبادة أمران : تحقق العمل في الخارج ، وكونه مضافاً ومنسوباً إلى المولى ، وكلاهما متحقق في الاحتياط.
وأمّا اعتبار نيّة الوجه والتمييز وغيرهما ممّا ذكروه وجهاً لعدم جواز الاحتياط فلا دليل على اعتباره. وقد تقدّم تفصيل الكلام فيه في مبحث القطع فراجع (١).
وأمّا البراءة العقلية : فلا ريب في اعتبار الفحص في جريانها ، لأنّ موضوع حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان إنّما هو عدم البيان ، فما لم يحرز ذلك بالفحص لا يستقل العقل بقبح العقاب ، إذ ليس المراد من البيان إيصال التكليف إلى العبد قهراً ، بل المراد منه بيانه على الوجه المتعارف ، وجعله بمرأىً ومسمع من العبد بحيث يمكن الوصول إليه ، فلو كان التكليف مبيّناً من قبل المولى ولم يتفحص عنه العبد ، صحّ العقاب على مخالفته ، ولا يكون عقابه بلا بيان.
وأمّا البراءة الشرعية : فلا إشكال أيضاً في عدم اعتبار الفحص في جواز الرجوع إليها في الشبهات الموضوعية عملاً باطلاق أدلّتها من قوله عليهالسلام : «كل شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتّى تعرف الحرام منه بعينه» (٢) وغيره ممّا ذكر في محلّه ، وقد ورد بعض الأخبار في خصوص الشبهات الموضوعية (٣) فراجع.
وأمّا الشبهات الحكمية فقد استدلّ لاعتبار الفحص في الرجوع إلى البراءة فيها مع إطلاق الأدلة فيها أيضاً بامور :
__________________
(١) ص ٨٧ ـ ٨٨
(٢) الوسائل ١٧ : ٨٧ / أبواب ما يكتسب به ب ٤ ح ١ (باختلاف يسير) وقد ذُكرت أدلة البراءة الشرعية في بداية بحث الاصول العملية فراجع ص ٢٩٦ وما بعدها
(٣) منها الخبر المذكور هنا فراجع ص ٣١٥