المختار فيه لا بدّ من التنبيه على امور :
الأوّل : أنّ محل الكلام هو العلم بالأحكام الفرعية ، وأمّا العلم بالاصول الاعتقادية كالعلم بالتوحيد والنبوّة وسائر ما يجب تحصيله والاعتقاد به ، فهو خارج عن محل الكلام. ولا إشكال في وجوب تحصيله والتعلّم نفسياً لا طريقياً ، عينياً لا كفائياً.
الثاني : أنّ وجوب تعلّم الأحكام الشرعية مقدّمة للعمل مختص بالواجبات والمحرّمات ، وما يرجع إليهما من الأحكام الوضعية كالنجاسة والطهارة والزوجية والملكية ونحوها ، إذ لايجب تعلّم المستحبات والمكروهات ، لا نفسياً ولا طريقياً.
الثالث : أنّ محل الكلام إنّما هو وجوب التعلّم والفحص عن الحكم الخاص المتعلق بهذا المكلف نفسه بالوجوب العيني. والمراد من التعلّم هو الأعم من المعرفة بالاجتهاد أو بالرجوع إلى الرسالة إن كان مقلّداً. وأمّا تعلّم كل الأحكام الشرعية بالاجتهاد حتّى الأحكام المتعلقة بغيره كمسائل الحيض والنفاس وغيرهما ، فلا إشكال في وجوبه كفائياً ، فهذا أيضاً خارج عن محل الكلام ، فلا وجه للاستدلال على وجوب الفحص في المقام بآية النفر (١) كما ارتكبه شيخنا الأنصاري (٢) قدسسره فانّها دليل على وجوب تعلّم الأحكام الشرعية كفائياً ولا كلام لنا فيه ، إنّما الكلام في وجوب التعلّم والفحص بالوجوب العيني عمّا يجب على نفس هذا المكلف.
إذا عرفت هذه الامور فنقول : إنّ الصحيح هو الوجوب الطريقي ، وتظهر
__________________
(١) التوبة ٩ : ١٢٢
(٢) فرائد الاصول ٢ : ٥١٠