الكلام في إمكان المنع عن العمل بالقطع الحاصل من غير الكتاب والسنّة ، ويقع الكلام تارةً في الصغرى وحصول القطع بالحكم الشرعي من المقدمات العقلية. واخرى في الكبرى وحجّية القطع بالحكم الشرعي الحاصل من المقدّمات العقلية.
ذكر صاحب الكفاية (١) قدسسره أنّه وإن نسب إلى بعض الأخباريين منع الكبرى وأ نّه لا اعتبار بالقطع الحاصل من المقدّمات العقلية ، إلاّأنّ مراجعة كلماتهم تشهد بكذب هذه النسبة ، وأ نّهم في مقام المنع عن الصغرى ، فانّ بعضهم في مقام منع الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع. واستشهد في ذلك بما حكي عن السيّد الصدر قدسسره في باب الملازمة ، وبعضهم في مقام بيان عدم جواز الاعتماد على المقدمات العقلية ، لأنّها لا تفيد إلاّالظن. واستشهد لذلك بكلام المحدِّث الاسترابادي قدسسره. ومن الواضح أنّ كلا الكلامين راجع إلى منع الصغرى وعدم حصول القطع من المقدمات العقلية ، انتهى ملخّصاً.
وما نقله عن المحدِّثين المذكورين وإن كان راجعاً إلى منع الصغرى ، كما ذكره ، إلاّأنّ كلام جملة منهم صريح في منع الكبرى ، وأ نّه لا يجوز العمل بالقطع الحاصل من غير الكتاب والسنّة ، فراجع رسائل شيخنا الأعظم الأنصاري (٢) قدسسره فانّه قد استقصى في نقل كلماتهم. ومن العجيب أنّ هذا الكتاب بمرأى من صاحب الكفاية قدسسره ومع ذلك أنكر منع الأخباريين عن العمل بالقطع الحاصل من غير الكتاب والسنّة.
وكيف كان فتحقيق الكلام في الصغرى : أنّ الحكم العقلي ـ بمعنى إدراك
__________________
(١) كفاية الاصول : ٢٧٠ و ٢٧١
(٢) فرائد الاصول ١ : ٦١ ـ ٦٥