وفيه : أنّه لا يعتبر في جريان الاستصحاب كون المستصحب أثراً شرعياً أو ذا أثر شرعي ، بناءً على ما هو التحقيق من أنّ الاستصحاب يقوم مقام القطع الموضوعي أيضاً ، فيكفي في جريان الاستصحاب ترتّب الأثر على نفس الاستصحاب. وعليه فلا مانع من إجراء الاستصحاب في المقام وإحراز عدم الابتلاء بالتعبّد ، ويترتب عليه عدم وجوب التعلّم ، فلا يبقى موضوع لحكم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل. نعم ، بناءً على عدم قيام الاستصحاب مقام القطع الموضوعي وكونه بمنزلة القطع الطريقي فقط ، كما عليه صاحب الكفاية (١) قدسسره يعتبر في جريان الاستصحاب كون المستصحب أثراً شرعياً أو ذا أثر شرعي ، فلا يجري في المقام ، لما ذكره المحقق النائيني قدسسره ولكنّه خلاف ما التزم به في مبحث الاستصحاب ، فانّه اختار فيه كون الاستصحاب بمنزلة القطع الموضوعي أيضاً (٢).
هذا ، ولكن التحقيق أنّ الاستصحاب غير جارٍ في المقام ، للأدلة الدالة على وجوب التعلّم ، فانّ إطلاقها يشمل المقام. وتخصيصها بموارد العلم أو الاطمئنان بالابتلاء مستهجن لندرتها ، فانّ الغالب في مسائل الشكوك ونحوها مجرد احتمال الابتلاء ، فيكون وجوب التعلّم عند احتمال الابتلاء ثابتاً بالدليل ، ومعه لا تصل النوبة إلى جريان الاستصحاب كما هو واضح.
الجهة الرابعة : لا شكّ في أنّ الشاك في التكليف لو ترك الفحص واقتحم في الشبهة فصادف ارتكاب الحرام يستحقّ العقاب على مخالفة الواقع ، إذ بعد وجوب الفحص طريقياً تنجّز الواقع عليه. هذا فيما إذا كان الواقع بحيث لو تفحّص المكلف عنه لظفر به. وأمّا فيما إذا كان الواقع على نحو لا يصل المكلف
__________________
(١) كفاية الاصول : ٢٦٣ و ٢٦٤
(٢) أجود التقريرات ٤ : ٤١ ، راجع أيضاً أجود التقريرات ٣ : ١٩