فالحق عدم استحقاق العقاب ، لعدم إمكان التعلّم والفحص وتحصيل العلم على الفرض ، فلا يكون المقام مشمولاً للآية الشريفة والأخبار الدالة على وجوب التعلّم. وإن بنينا على وجوب الفحص لأجل العلم الاجمالي أو لأجل أدلة التوقف والاحتياط ، بناءً على كونها دالة على الوجوب المولوي الطريقي لا الارشادي المحض ، على ما استظهرنا منها (١) ، فالحق استحقاق العقاب على مخالفة الواقع ، لكونه حينئذ منجّزاً بالعلم الاجمالي أو بوجوب التوقف والاحتياط.
الجهة الخامسة : لا ينبغي الاشكال في أنّ العمل الصادر من الجاهل المقصّر قبل الفحص محكوم بالبطلان ظاهراً ، بمعنى أنّ العقل يحكم بعدم جواز الاجتزاء به في مقام الامتثال ، لعدم إحراز مطابقته للواقع. وهذا المعنى من البطلان هو المراد لصاحب العروة قدسسره في قوله : إنّ عمل العامي بلا تقليد ولا احتياط باطل (٢) ، فلا وجه لما ذكره المحشّون على قوله المذكور ، على تفصيل يأتي ، لأنّ التفصيل الذي ذكره بعد سطور (٣) بأ نّه إن كان مطابقاً للواقع فكذا ، وإن كان مخالفاً له فكذا ، إنّما هو بعد انكشاف الواقع. والمراد من البطلان في صدر عبارته بمعنى عدم جواز الاجتزاء به بحكم العقل ، إنّما هو قبل انكشاف الواقع ، فلا ربط له بالتفصيل المذكور بعد سطور. ولا فرق في الحكم بالبطلان ظاهراً بالمعنى المذكور بين المعاملات والعبادات إذا فرض تمشّي قصد القربة منه في العبادات.
وإلاّ فلا ينبغي الشك في بطلان العبادات واقعاً. هذا كلّه قبل انكشاف الحال بالعلم أو بالحجّة. وأمّا إذا تبيّن الحال فالصور المتصورة أربع :
الصورة الاولى : أن تنكشف مخالفة المأتي به للواقع بفتوى من كان يجب
__________________
(١) في ص ٣٤٦
(٢) العروة الوثقى ١ : ١٨ / المسألة ٧
(٣) في المسألة ١٦