في نفس الأمر ، لا يصح عقابه على ترك الأداء أيضاً ، لاستناده حينئذ في عدم الاعادة إلى الحجّة الفعلية.
ومن جميع ما ذكرناه في حكم المقلد ظهر حكم المجتهد التارك للفحص أيضاً ، فانّ نسبة الأمارة إليه نسبة فتوى المجتهد إلى المقلد ، بلا تفاوت بينهما من حيث الحكم أصلاً ، فلا حاجة إلى الاعادة.
ثمّ إنّ المتسالم عليه بين الفقهاء صحّة الصلاة جهراً في موضع الاخفات وبالعكس ، وكذا صحّة الاتمام في موضع القصر ، وكذا صحّة الصوم في السفر.
وكل ذلك مع الجهل بالحكم ولو تقصيراً ، ومع ذلك التزموا باستحقاق العقاب على ترك الواقع الناشئ عن ترك التعلّم والفحص. وأصل الحكم بالصحّة في هذه الموارد ممّا لا إشكال فيه ولا خلاف نصّاً (١) وفتوىً ، إنّما الاشكال في الجمع بين الحكم بالصحّة واستحقاق العقاب ، فانّه كيف يعقل الحكم بصحّة المأتي به والحكم باستحقاق العقاب على ترك الواجب ، ولا سيّما مع بقاء الوقت ، والحكم بعدم وجوب الاعادة.
وقد اجيب عن ذلك بوجهين :
الأوّل : ما ذكره صاحب الكفاية (٢) قدسسره وهو أنّه يمكن أن يكون المأتي به حال الجهل مشتملاً على مصلحة ملزمة ، وأن يكون الواجب الواقعي مشتملاً على تلك المصلحة وزيادة لا يمكن تداركها عند استيفاء المصلحة التي
__________________
(١) الوسائل ٦ : ٨٦ / أبواب القراءة في الصلاة ب ٢٦ ح ١ ، الوسائل ٨ : ٥٠٦ / أبواب صلاة المسافر ب ١٧ ح ٤ ، الوسائل ١٠ : ١٧٩ / أبواب من يصح منه الصوم ب ٢ ح ٢ وغيره
(٢) كفاية الاصول : ٣٧٨