القصر والأمر باعادة الصلاة قصراً بلا زيادة ونقصان ، ويحكم بصحّة التمام أيضاً لورود النص الخاص ، فيكون المكلف الجاهل بوجوب القصر مخيّراً بين القصر والتمام وإن لم يكن ملتفتاً إلى التخيير. وعليه فلا موجب لاستحقاق العقاب عند الاتيان بالتمام وترك القصر.
وأمّا على الثاني : فلا مناص من الالتزام بكون التمام واجباً تعيينياً عند الجهل بوجوب القصر ، ومعه كيف يمكن الالتزام باستحقاق العقاب على ترك القصر ، وكذا الحال في مسألة الجهر والاخفات ، فلا حاجة إلى الاعادة. ولتوضيح المقام نفرض شخصين كان كل واحد منهما جاهلاً مقصّراً ، فأتى أحدهما بصلاة الصبح مثلاً جهراً والآخر إخفاتاً ، فنحكم بصحّة صلاة الثاني وإن كانت مخالفة للواقع بمقتضى النص الخاص. وحينئذ إن حكمنا ببطلان صلاة الأوّل مع مطابقتها للواقع ، يكون الأمر أقبح ، للحكم ببطلان ما هو مطابق للواقع ، وصحّة ما هو مخالف له ، مضافاً إلى لزوم القول ببطلان الصلاة مع الساتر إذا كان المصلي جاهلاً باعتبار الستر في الصلاة ، وكذا يلزم القول ببطلان الصلاة إلى القبلة إذا كان المصلي جاهلاً باعتبار الاستقبال في الصلاة. وهكذا بالنسبة إلى سائر الشروط ، فلا مناص من الحكم بصحّة صلاته أيضاً ، فإذا حكمنا بصحّة الصلاة جهراً وإخفاتاً فلا محالة يكون الجاهل مخيراً بين الجهر والاخفات وإن لم يكن ملتفتاً إلى التخيير حين العمل ، فلا وجه للالتزام باستحقاق العقاب.
الجهة السادسة : اشتراط الرجوع إلى الاصول العملية بالفحص مختص بالشبهات الحكمية ، لاختصاص دليله بها. وأمّا الشبهات الموضوعية ، فلا يكون الرجوع إلى الأصل فيها مشروطاً بالفحص ، بل يجوز الرجوع إليها ولو قبل الفحص ، لاطلاق أدلتها وعدم جريان الوجوه التي ذكرت لوجوب الفحص في الشبهات الحكمية ها هنا. مضافاً إلى خصوص بعض الروايات الواردة في