حاصلاً من غير الكتاب والسنّة ، لأنّ الحجّية ذاتية للقطع ، فيستحيل المنع عن العمل به ، لاستلزامه التناقض واقعاً أو في نظر القاطع.
إلاّأنّ العلاّمة النائيني (١) قدسسره التزم بامكان المنع عنه بمعنىً لا يرجع إلى المنع عن العمل بالقطع ، ليردّ بأنّ حجّية القطع ذاتية لا يمكن المنع عن العمل به ، بل بمعنى يرجع إلى تقييد الحكم بعدم كونه مقطوعاً به من غير الكتاب والسنّة ، فيكون التصرف من الشارع في المقطوع به لا في القطع ليكون منافياً لحجّيته الذاتية ، وذكر لتقريب مراده في المقام مقدّمات ثلاث :
المقدّمة الاولى : أنّه لا يمكن أخذ القطع بحكم في موضوع نفس ذلك الحكم ، لاستلزامه الدور ، لأنّ القطع طريق إلى متعلقه بالذات ، فالقطع بحكم متوقف على تحقق الحكم ، توقف الانكشاف على المنكشف ، ولا مناص من أن يكون الحكم في رتبة سابقة على تعلّق القطع به ، ليتعلق به القطع ويكشف عنه ، وإذا فرض أخذ القطع بحكم في موضوع نفس ذلك الحكم ، كان الحكم متوقفاً عليه توقف الحكم على موضوعه ، وهذا هو الدور الواضح.
المقدّمة الثانية : ما ذكره في بحث التعبدي والتوصلي من أنّ استحالة التقييد تستلزم استحالة الاطلاق ، لأنّ التقابل بينهما من تقابل العدم والملكة ، فكل مورد لايكون قابلاً للتقييد لايكون قابلاً للاطلاق ، فلا يكون هناك تقييد ولا إطلاق.
ونتيجة هاتين المقدّمتين : أنّ الأحكام الشرعية الأوّلية مهملة بالقياس إلى علم المكلف بها وجهله ، لأنّ تقييدها بالعلم بها غير ممكن بمقتضى المقدمة الاولى ، وإطلاقها بالنسبة إلى العلم والجهل أيضاً غير ممكن بمقتضى المقدمة الثانية ، فتكون مهملة لا محالة.
__________________
(١) أجود التقريرات ٣ : ١٧ ـ ١٩ ، راجع أيضاً ص ٧٢ ـ ٧٤