والحرمة ، فانّه هو الذي يكون العبد ملزماً في امتثاله ، فعلى تقدير كونه ضررياً كان وقوع العبد في الضرر مستنداً إلى الشارع بجعله الحكم الضرري. وأمّا الترخيص في شيء يكون موجباً للضرر على نفس المكلف أو على غيره ، فلا يكون مشمولاً لدليل نفي الضرر ، لأنّ الترخيص في شيء لا يلزم المكلف في ارتكابه حتّى يكون الترخيص ضررياً ، بل العبد باختياره وإرادته يرتكبه ، فيكون الضرر مستنداً إليه لا إلى الترخيص المجعول من قبل الشارع.
وبالجملة : نفي الضرر في الحديث الشريف ـ على ما ذكرناه من المعنى ـ ليس إلاّ كنفي الحرج المستفاد من أدلة نفي الحرج ، فكما أنّ المنفي بها هو الحكم الالزامي الموجب لوقوع المكلف في الحرج دون الترخيصي ، إذ الترخيص في شيء حرجي لا يكون سبباً لوقوع العبد في الحرج ، فكذا في المقام بلا فرق بينهما ، فلا يستفاد من قوله صلىاللهعليهوآله «لا ضرر» حرمة الاضرار بالغير ولا حرمة الاضرار بالنفس ، وإن كان الأوّل ثابتاً بالأدلة الخاصّة ، بل يمكن استفادته من الفقرة الثانية في نفس هذا الحديث ، وهي قوله صلىاللهعليهوآله «لا ضرار» بتقريب أنّ المراد من النفي في هذه الفقرة هو النهي ، كما في قوله تعالى «فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ» (١).
وذلك لأنّ الضرار أمر خارجي وهو كون الشخص في مقام الاضرار بالغير ، فلا معنى لنفيه تشريعاً ، كما لا يصح حمله على الإخبار عن عدم تحقق الاضرار في الخارج ، للزوم الكذب ، فلا محالة يكون المراد منه النهي عن كون الشخص في مقام الاضرار بالغير ، فيدل على حرمة الاضرار بالغير بالأولوية القطعية.
ولا يلزم من حمل النفي على النهي في هذه الفقرة التفكيك بين الفقرتين ، لأنّ
__________________
(١) البقرة ٢ : ١٩٧