لايكون بينهما تنافٍ وتعارض أصلاً ، فانّ دليل حرمة الرِّبا مثلاً لا يكون متكفلاً لبيان تحقق الرِّبا ، بل مفاده حرمة الرِّبا على نحو القضيّة الحقيقية ، فاذا ورد في دليل آخر أنّه لا ربا بين الوالد والولد فلا منافاة بينهما ، فانّه ينفي ما لا يثبته الدليل الأوّل ، فيجب العمل بهما والحكم بحرمة الرِّبا ، وأ نّه لا ربا بين الوالد والولد.
وكذا الحال في التوسعة. ولا حاجة إلى إعادة الكلام.
وأمّا إن كان الدليل الحاكم ناظراً إلى جهة الصدور في الدليل المحكوم أو إلى عقد الحمل فيه ، فالوجه في تقديمه عليه أنّ حجّية الظهور وحجّية جهة الصدور ثابتتان بسيرة العقلاء ، فانّ بناء العقلاء قد استقرّ على كون الظاهر هو المراد الجدي ، وكون الداعي إلى التكلم هو بيان الحكم الواقعي ، ومورد هذا البناء وموضوعه هو الشك في المراد والشك في جهة الصدور ، وبعد ورود الدليل الدال على بيان المراد وجهة الصدور لا يبقى شكّ حتّى يعمل بالظهور أو جهة الصدور ، فيكون الدليل الحاكم مبيّناً للمراد من الدليل المحكوم ، ومبيّناً لجهة صدوره ، وبه يرتفع الشك ولم يبق مورد للعمل بأصالة الظهور أو بأصالة الجهة. وهذا هو السر في تقديم الحاكم على المحكوم ، من دون ملاحظة النسبة والترجيح بينهما بعد إحراز حجّية الحاكم. وهذا الكلام جارٍ في كل قرينة متصلة أو منفصلة مع ذيها فانّه تقدّم القرينة بعد إحراز قرينيتها على ظهور ذي القرينة وإن كان أقوى من ظهور القرينة.
التنبيه الخامس
أنّ لفظ الضرر المذكور في أدلة نفي الضرر موضوع للضرر الواقعي ، كما هو الحال في جميع الألفاظ ، ولهذا قلنا في محلّه إنّ مقتضى الأدلة ثبوت الأحكام للموضوعات الواقعية من دون تقييد بالعلم والجهل ، غاية الأمر أنّ الجاهل