المستند في مخالفتها إلى الأمارة أو الأصل معذور غير مستحق للعقاب. وأمّا الأحكام فهي مشتركة بين العالم والجاهل (١) ، وعليه فيكون الميزان في رفع الحكم كونه ضررياً في الواقع ، سواء علم به المكلف أم لا. وقد استشكل بذلك في موردين :
الأوّل : تقييد الفقهاء خيار الغبن والعيب بما إذا جهل المغبون. وأمّا مع العلم بهما فلا يحكم بالخيار ، فيقال ما وجه هذا التقييد مع أنّ دليل لا ضرر ناظر إلى الضرر الواقعي ، بلا فرق بين العلم والجهل. ودعوى أنّه مع العلم هو أقدم على الضرر مدفوعة بأنّ إقدامه على الضرر غير مؤثر في لزوم البيع بعد كون الحكم الضرري منفياً في الشريعة ، وبعد كون اللزوم منفياً شرعاً لا فائدة في إقدامه على الضرر.
الثاني : تسالم الفقهاء على صحّة الطهارة المائية مع جهل المكلف بكونها ضررية ، مع أنّ مقتضى دليل لا ضرر عدم وجوبها حينئذ ، وكون الوظيفة هي الطهارة الترابية ، فيلزم الحكم ببطلان الطهارة المائية مع جهل المكلف بكونها ضررية ، ووجوب إعادة الصلاة الواقعة معها.
والجواب أمّا عن المورد الأوّل : فهو أنّ الاشكال فيه مبني على أنّ الدليل لثبوت خيار الغبن والعيب هو دليل نفي الضرر. وقد ذكرنا (٢) أنّ الدليل على ثبوت خيار الغبن تخلف الشرط الارتكازي ، باعتبار أنّ بناء العقلاء على التحفظ بالمالية عند تبديل الصور الشخصية ، فهذا شرط ضمني ارتكازي ، وبتخلّفه يثبت خيار تخلّف الشرط. وعليه فيكون الاقدام من المغبون مع علمه بالغبن
__________________
(١) تقدّم في ص ٣٠٧
(٢) في ص ٦٢٢