وهذا لا يرجع إلى محصل. ولا يثبت به ما هو المنسوب إلى المشهور من كون تمام الضرر على أحد المالكين ، وهو من كانت قيمة ماله أكثر من قيمة مال الآخر. ولا وجه لالزامه بتحمل تمام الضرر من جهة كون ماله أكثر من مال الآخر ، مع كون الضرر مشتركاً بينهما بآفة سماوية.
والصحيح أن يقال : إنّه إذا تراضى المالكان باتلاف أحد المالين بخصوصه ولو بتحملهما الضرر على نحو الشركة ، فلا إشكال حينئذ ، لأنّ الناس مسلّطون على أموالهم (١) ، وإلاّ فلا بدّ من رفع ذلك إلى الحاكم ، وله إتلاف أيّهما شاء ويقسّم الضرر بينهما بقاعدة العدل والانصاف الثابتة عند العقلاء.
ويؤيّدها : ما ورد في تلف درهم عند الودعي ، من الحكم باعطاء درهم ونصف لصاحب الدرهمين ونصف درهم لصاحب الدرهم الواحد ، فانّه لايستقيم إلاّ على ما ذكرناه من قاعدة العدل والانصاف ، وقد تقدّم في بحث القطع (٢). هذا فيما إذا تساوى المالان من حيث القيمة ، وأمّا إن كان أحدهما أقل قيمةً من الآخر ، فليس للحاكم إلاّإتلاف ما هو أقل قيمةً ، لأنّ إتلاف ما هو أكثر قيمةً سبب لزيادة الضرر على المالكين بلا موجب.
ثمّ إنّ ما ذكرناه من الفروع وأحكامها إنّما هو فيما إذا لم تثبت أهمّية أحد الضررين في نظر الشارع ، وأمّا إذا ثبت ذلك فلا بدّ من اختيار الضرر الآخر في جميع الفروع السابقة ، كما إذا دخل رأس عبد محقون الدم في قدر شخص آخر ، فانّه لا ينبغي الشك في عدم جواز قتل العبد ، ولو كان ذلك بفعل مالك العبد ، بل يتعيّن كسر القدر وتخليص العبد ، غاية الأمر كون ضمان القدر عليه ، كما أنّه
__________________
(١) بحار الأنوار ٢ : ٢٧٢ / كتاب العلم ب ٣٣ ح ٧
(٢) في ص ٦٧