الفرع الأوّل : ما إذا كان لأحد درهم عند الودعي ، وللآخر درهمان عنده ، فسرق أحد الدراهم ، فقد ورد النص أنّه يعطى لصاحب الدرهمين درهم ونصف ، ولصاحب الدرهم نصف (١). فقد يقال : إنّ الحكم بالتنصيف مخالف للعلم الاجمالي بأنّ تمام هذا الدرهم لأحدهما ، فالتنصيف موجب لاعطاء النصف لغير مالكه ، ثمّ لو انتقل النصفان إلى ثالث بهبة ونحوها ، فاشترى بمجموعهما جارية ، يعلم تفصيلاً بعدم دخولها في ملكه ، لكون بعض الثمن ملك الغير ، فالحكم بجواز وطئها مخالف للعلم التفصيلي.
وربّما يقال في دفع الاشكال : إنّ الحكم المذكور في النص موافق للقاعدة ، لأنّ الامتزاج موجب للشركة القهرية ، فيكون كل منهما شريكاً في كل جزء جزء من الدراهم الثلاثة ، فما سرق يكون لهما لا لأحدهما.
وفيه أوّلاً : أنّ المقام أجنبي عن باب الامتزاج ، إذ الامتزاج الموجب للشركة القهرية إنّما هو فيما إذا كان الامتزاج موجباً لوحدة المالين في نظر العرف فصار الممتزجان واحداً في نظر العرف ، بلا فرق في ذلك بين أن يكونا مختلفين في الجنس ـ كما إذا امتزج الماء والحليب مثلاً ـ أو متحدين في الجنس ، كما إذا امتزج الحليب بالحليب. والمقام ليس من هذا القبيل ، كما هو ظاهر.
وثانياً : أنّ لازم ذلك هو الحكم باعطاء ثلث الدرهمين وهو ثلثا درهم لصاحب الدرهم ، واعطاء ثلثي الدرهمين وهو درهم وثلث لصاحب الدرهمين ، والمفروض أنّ الحكم المنصوص على خلاف ذلك ، وهو الحكم باعطاء ربع الدرهمين ـ وهو النصف ـ لصاحب الدرهم وإعطاء ثلاثة أرباع الدرهمين ـ أي درهم ونصف ـ لصاحب الدرهمين.
__________________
(١) الوسائل ١٨ : ٤٥٢ / كتاب الصلح ب ١٢ ح ١ وفيه بدل الدرهم «الدينار»