ورابعاً : أنّ لازم ما ذكره من قصور الأدلة عن الشمول لأطراف العلم الاجمالي عدم جريان الأصل في أطراف العلم الاجمالي ، ولو لم يكن العلم الاجمالي منجّزاً ، لخروج بعض الأطراف عن محل الابتلاء ، أو لكون الامتثال حرجياً أو ضررياً ، مع أنّه قدسسره لا يلتزم بذلك قطعاً. وأمّا على ما ذكرناه (١) من أنّ المانع من جريان الأصل في اطراف العلم الاجمالي ثبوتي من جهة تنجيز العلم الاجمالي التكليف الواقعي ، ولزوم اجتماع الضدّين في مقام الامتثال ، فلا محذور في جريان الأصل في أطراف العلم الاجمالي في فرض خروج بعضها عن محل الابتلاء أو كون الامتثال حرجياً أو ضررياً ، إذ العلم الاجمالي حينئذ لا يكون منجّزاً ولا يحكم العقل بلزوم امتثال الحكم الواقعي ، لعدم القدرة عليه ، أو لاستلزامه الحرج أو الضرر ، فلا يلزم اجتماع الضدّين في مقام الامتثال ، فلا مانع من جعل الترخيص في أطراف العلم الاجمالي.
فتحصّل : أنّ الوجه في عدم جريان الأصل في أطراف العلم الاجمالي هو المانع الثبوتي على ما ذكرناه ، لا قصور الأدلة في مقام الاثبات. هذا تمام كلامنا في المقام الأوّل والبحث عن ثبوت التكليف بالعلم الاجمالي.
وأمّا المقام الثاني : وهو البحث عن سقوط التكليف بالعلم الاجمالي بعد ثبوته. فتحقيق القول فيه يقتضي التكلم في جهتين :
الجهة الاولى : في البحث عن كفاية الامتثال الاجمالي وعدمها ، مع عدم تمكن المكلف من الامتثال التفصيلي.
ولا ينبغي الشك في الكفاية لحكم العقل والشرع بحسن الاحتياط في هذا الحال وإن استلزم التكرار ، بلا فرق بين التوصليات والتعبديات ، وبلا فرق بين
__________________
(١) في ص ٧٩ ـ ٨٠