موارد تنجّز الواقع كما في أطراف العلم الاجمالي ، وبين موارد عدم تنجّزه كما في الشبهة البدوية الحكمية أو الموضوعية ، بلا فرق بين ما قبل الفحص وما بعده ، إذ المفروض عدم تمكن الوصول إلى الواقع ولو بعد الفحص ، فانّ الامتثال الاجمالي في جميع هذه الصور هو غاية ما يتمكن منه العبد في مقام امتثال أمر المولى ، وهذا ممّا لا إشكال فيه ولا خلاف.
الجهة الثانية : في البحث عن كفاية الامتثال الاجمالي مع تمكن المكلف من الامتثال التفصيلي ، ويقع الكلام تارةً في التوصليات. واخرى في التعبديات.
أمّا التوصليات ، فلا شك أيضاً في كفاية الامتثال الاجمالي فيها ، لأنّ الغرض فيها مجرد حصول المأمور به في الخارج كيف ما اتّفق ، وباتيان جميع المحتملات يتحقق المأمور به لا محالة ، فإذا علم أحد بأ نّه مديون بدرهم إمّا لزيد أو لعمرو وأعطى درهماً لزيد ودرهماً لعمرو ، حصل له العلم بالفراغ.
ويلحق بالتوصليات الوضعيات ، كالطهارة والنجاسة ، فلو غسل المتنجس بمائعين طاهرين يعلم إجمالاً بكون أحدهما ماءً مطلقاً والآخر مضافاً طهر بلا إشكال. وكذا العقود والايقاعات ، فان احتاط المكلف وجمع بين إنشاءات متعددة يعلم إجمالاً بصحّة أحدها ، يكفي في حصول المنشأ لا محالة ، وإن لم يتميز عنده السبب المؤثر.
هذا ، ولكن استشكل شيخنا الأنصاري قدسسره (١) في الاحتياط في العقود والايقاعات باستلزامه الاخلال بالجزم المعتبر في الانشاء ، إذ الترديد ينافي الجزم ، ولذا لا يصحّ التعليق في الانشائيات إجماعاً.
__________________
(١) لاحظ الجزء الثالث من المكاسب : ١٧٣ (مبحث التنجيز في العقد)