الفحص ، والشبهة الموضوعية مطلقاً ، فلا إشكال في الاحتياط فيها أيضاً ، بل يمكن أن يقال : إنّ هذا الامتثال الاجمالي مع ترخيص المولى بتركه أرقى من الامتثال التفصيلي في موارد يكون التكليف فيها منجّزاً.
وأمّا مع تنجّز الواقع عليه ، كما في موارد العلم الاجمالي ، بل في الشبهة البدوية الحكمية قبل الفحص ، فالاحتياط فيه تارةً يستلزم التكرار ، واخرى لايستلزمه.
وعلى التقديرين إمّا أن يكون التكليف المعلوم بالاجمال أو المشكوك فيه استقلالياً ، أو يكون ضمنياً. وما لا يستلزم التكرار إمّا أن يكون أصل الطلب فيه معلوماً في الجملة وإنّما الشك في الخصوصية من الوجوب والاستحباب ، وإمّا أن لا يكون كذلك ، لاحتمال الاباحة. فهنا مسائل :
المسألة الاولى : فيما إذا لم يكن الاحتياط مستلزماً للتكرار ، مع كون التكليف استقلالياً ، وكان أصل الطلب معلوماً في الجملة ، كما إذا شكّ في وجوب غسل الجمعة واستحبابه.
والظاهر أنّه لا مانع من الاحتياط فيه والاتيان بما يحتمل الوجوب بداعي الأمر المحرز وجوده على الاجمال ، ولايكون هناك ما يوجب المنع عن الاحتياط إلاّ توهم اعتبار قصد الوجه والتمييز ، وهو مدفوع بالاطلاق إن كان لدليل العبادة إطلاق لفظي ، وإلاّ فالمرجع هي البراءة. هذا على القول بأنّ اعتبار قصد القربة وما يرجع إليه من قصد الوجه والتمييز شرعي ، ويمكن أخذه في متعلق الأمر ، كما هو الصحيح على ما تقدّم بيانه في بحث التعبدي والتوصلي (١).
وأمّا على القول بأنّ اعتباره عقلي لعدم إمكان أخذه في متعلق الأمر شرعاً ،
__________________
(١) محاضرات في اصول الفقه ١ : ٥١٩ وما بعدها ، وكذا ص ٥٣٥ وما بعدها