في دوران الأمر بين الأقل والأكثر الارتباطيين. هذا على القول بكون قصد القربة وما يرجع إليه معتبراً شرعاً واختاره المحقق النائيني (١) قدسسره.
وأمّا على القول بكونه عقلياً ، كما هو المختار لصاحب الكفاية (٢) قدسسره فالشك في اعتبار شيء يرجع إلى قصد القربة وإن لم يكن مجرى للبراءة ، إلاّ أنّه يستكشف عدم اعتباره من عدم البيان ، لكونه ممّا يغفل عنه نوع المكلفين ، فعلى تقدير الاعتبار كان على المولى البيان والتنبيه عليه ، فمع عدم البيان يستكشف عدم اعتباره لا محالة.
فتحصّل : أنّ الصحيح في هذه المسألة أيضاً كفاية الامتثال الاجمالي والاتيان بما يحتمل وجوبه رجاء ، كما هو المشهور.
وممّا ذكرنا ظهر الحال في موارد احتمال تكليف ضمني ، وأ نّه لا مانع من الاحتياط والاتيان بما يحتمل كونه جزءاً للمأمور به رجاءً ، سواء علم رجحانه إجمالاً كما تقدّم (٣) أو لم يعلم كما هو الآن محلّ الكلام. نعم ، لا بدّ من عدم احتمال المانعية ، إذ لو دار الأمر بين كون شيء شرطاً للمأمور به أو مانعاً عنه ، كان الاحتياط فيه مستلزماً للتكرار وخرج عن الفرض ، كما أنّ محل كلامنا في التكليف الاستقلالي إنّما هو فيما إذا لم يحتمل الحرمة ، إذ مع احتمال الحرمة لايمكن الاحتياط وخرج عن الفرض. هذا كلّه فيما إذا لم يكن الاحتياط مستلزماً للتكرار.
وأمّا إذا كان مستلزماً له كما في دوران الأمر بين القصر والتمام ، فربّما يستشكل في جواز الاحتياط فيه وعمدة ما ذكروا في وجه الاشكال أمران :
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ١٧٣ ـ ١٧٦ ، فوائد الاصول ١ : ١٦١ و ١٦٢
(٢) كفاية الاصول : ٧٢
(٣) في المسألة الثانية ص ٨٩