لقائه واخذوا المواضع والطرق.
قال بشير فعدت الى باب الفسطاط وإذا هو قد خرج وبيده خرقة يمسح بها دموعه وخادم معه كرسى فوضعه وجلس وهو مغلوب على لوعته فعزاه الناس فاومى إليهم ان اسكتوا فسكنت فورتهم.
فقال الحمد لله رب العالمين مالك يوم الدين بارئ الخلائق اجمعين الذي بعد فارتفع في السموات العلى وقرب فشهد النجوى نحمده على عظائم الامور وفجائع الدهور وجليل الرزء وعظيم المصائب.
ايها القوم ان الله وله الحمد ابتلانا بمصيبة جليلة وثلمة في الاسلام عظيمة قتل أبو عبد الله وعترته وسبى نسائه وصبيته وداروا برأسه في البلدان من فوق عالى السنان.
ايها الناس فاى رجالات منكم يسرون بعد قتله ام أي عين تحبس دمعها وتصن عن انهمالها فلقد بكت السبع الشداد لقتله وبكت البحار والسموات والأرض والاشجار والحيتان والملائكة المقربون وأهل السموات اجمعون.
ايها الناس أي قلب لا ينصدع لقتله ام أي فؤاد لا يحن إليه ام أي سمع يسمع هذه الثلمة التي ثلمت في الاسلام؟
ايها الناس اصبحنا مطرودين مشردين مذودين شاسعين كأنا اولاد ترك أو كابل من غير جرم اجترمناه ولا مكروه ارتكبناه ما سمعنا بهذا في آبائنا الاولين ان هذا إلا اختلاق والله لو ان النبي تقدم إليهم في قتالنا كما تقدم إليهم في الوصاة بنا لما زادوا على ما فعلوه فانا لله وانا إليه راجعون.
فقام إليه صوخان بن صعصعة بن صوحان وكان زمينا فاعتذر إليه فقبل عذره وشكر له وترحم على أبيه (١).
__________________
١ ـ البحار ٤٥ / ١٤٨ عن اللهوف : ٨٣.