ترجمة المؤلف
[ابن نما صاحب مثير الاحزان]
تمهيد :
الحلة : مدينة من مدن العراق الشهيرة ، وحاضرة مهمة ، وهي واقعة على ضفتي نهر الفرات قرب آثار (بابل القديمة). وقد كانت هذه المدينة على عهد (الدولة المزيدية) التي قامت بضواحيها ٤٠٣ ـ ٥٤٥ هج من أجمل مدن العراق بهجة ، وأطيبها تربة ، وأنقاها هواء ، وأحسنها مناخا ، وكان قد مصرها أحد أمراء (الدولة البويهية) الامير العربي صدقة بن منصور بن دبيس الاسدي الملقب بسيف الدولة وذلك في شهر محرم سنة ٤٩٥ للهجرة «وهو غير سيف الدولة بن حمدان ممدوح المتنبئ الذي كان في ذلك العهد أحد ملوك الشام» بعد أن ولي إمرة المزيدية سنة ٤٧٩ هج بعد وفاة أبيه منصور بن دبيس الاسدي «كما حدث عنه ابن الاثير في كامله».
وقد وصفها (صفى الدين الحلي شاعر الجزيرة) بقوله :
ما حلة ابن دبيس |
|
إلا كحصن حصين |
للقلب فيها قرار |
|
وقرة للعيون |
إن أصبح الماء غورا |
|
جاءت بماء معين |
وحولها سور طين |
|
كأنه طور سنين |
وكانت أرضها قبل أن ينزل بها سيف الدولة مرتفعة ، ذات أكمات وفيها بعض الغارات ، تأوى إليها الحيوانات المفترسة وغيرها من الوحوش
ولما نزل بها سيف الدولة (في التاريخ المذكور) هو وقومه ، أحدث فيها المباني الحجرية ، وأنشأ فيها الدور الفاخرة ، وعمر فيها القصور الفخمة ، وقد تأنق أصحابه بمثل ذلك ، فقصدها التجار والزراع ، وأمها العلماء والفقهاء ، وتوطن بها الشعراء والادباء.
فأصبحت على عهد سيف الدولة مهد النهضة الفكرية ، وكعبة العلم والفلسفة ،