إذا كان الله جل جلاله يعفو عن عقاب العبد وهو غير راض عن العبد كما تضمنته الادعية في عفوه عن المؤمن وهو غير راض عنه وحال الكفار الذين يموتون على كفرهم وتأخير عقوبتهم وهو غضبان عليهم كما قلناه لانه إذا كان غير راض كان غضبانا ولا يخلو عن مقام الرضا والغضب في وقت واحد على وجه واحد فلو كان الغضب هو العقاب استحال ان يعفو عن عبد ويكون في حال عفوه عنه غضبانا عليه وكان متى عفى عن العبد المسلم أو الكافر قبل وفاته زال غضبه عنهم وهذا خلاف المعلوم من دين اهل الحق والصدق.
فصل ولكن حبه جل جلاله أو رضاه حيث قد نطق القرآن الصريح والنقل الصحيح بهما وبغضبه وسخطه جل جلاله وثبوت هاتين الصفتين له جل جلاله فانه يكون لحبه سبحانه أو رضاه وغضبه أو سخطه وجه معلوم غير ما نعرفه من رضا الاجسام وحبها وغضبها وسخطها وغير ما فسروه بان حبه ورضاه ثوابه وغضبه عقابه كما كان تفسير ساير صفاته جل جلاله غير صفات الاجسام فان كون احدنا قادرا يقتضى قوة زائدة وحالا متجددة غير كونه عاجزا وكذا كون احدنا عالما وحيا وساير صفاتنا يقتضى تجدد حالات وتغيرات علينا وهذه المعاني مستحيلة على الله جل جلاله ولكن هذه الصفات في الله كما يليق بذاته المقدسة التى لامثل لها وكما يليق بصفاته المنزهة التى لاشبه لها وكذا يكون تفسير الحب منه جل جلاله والرضا والغضب والسخط وهذا يكشف ما قلناه لاهل الريب ويزيل العجب.
(اقول ووجدت بعد تصنيف هذا الكتاب بسنتين في الجزء الاول من تفسير القرآن للطبري عن قوم من المفسرين انهم ذكروا في غضب