فخرج هو وسارة وهاجر معه ، فلما أمعنوا في السير أخرجت سارة بعض تلك السلال ليأكلوا منها ، فلما أدخلت يدها وجدت الجوهر ، فلما فتشت سائر السلال وجدتها كذلك ، فأخرجت جميعه وعرفت إبراهيم عليه السلام بذلك ، وعرضت عليه فباع بعضه وحفر من ثمنه البئر التي جعلها للسبيل ، وفرق بعضه في وجوه الخير والبر ، وكان يضيف به كل من مر به ، وادخرت منه سارة.
وعاش طوطيس إلى أن وجهت إليه هاجر من مكة أنها بمكان جدب وتستقيته (١) فأمر بحفر نهر في شرقي مصر ثم بسفح الجبل حتى ينتهي إلى مرفأ السفن على البحر المالح ، فكان يحمل إليها الحنطة وأصناف الغلال ، فتصل إلى جدة وتحمل من هناك على المطايا إلى مكة ، فأحيا بذلك الحجاز مدة.
ويقال إنها وجهت إليه بالحجاز تذكر ولادتها فسر بذلك ، ووجه إليها ذهبا وجوهرا تتخذ منه زينة لولدها فحلت الكعبة ببعضه.
وقيل إن كل ما حليت به الكعبة في ذلك العصر إنما أهداه الملك مالك مصر إليها.
وقيل إنه لكثرة ما كان حمله طوطيس إلى الحجاز سمعته هاجر والعرب الصادق ، وكذلك يسميه كثير من أهل الأثر.
وقيل إن طوطيس سال إبراهيم عليه السلام أن يبارك له في ولده فدعا له بالبركة في مصر ، وعرفه إبراهيم أن ولده سيملكونها ويصير أمرها إليهم قرنا بعد قرن إلى آخر الزمان.
وطوطيس هذا أول فرعون كان بمصر ، وذكر أنه أكثر القتل حتى في قرابته وأهل بيته وبني عمه وخدمه ونسائه وفي كثير من الكهنة والحكماء.
وكان حريصا على سفك الدماء ، حريصا على الولد ، فلم يرزق غير ابنته