حوريا ، وكانت عاقلة حكيمة تأخذ على يديه كثيرا وتمنعه من سفك الدماء فلم ينته ، وخافه كل أحد على نفسه فأبغضته ابنته وأبغضه الخاص والعام.
وخافت حوريا زوال ملكهم بسببه فسمته فهلك ، وملك سبعين سنة ، واختلفوا بعد موته في التمليك عليهم ، وقالوا لمن يملك علينا أحد من أهل بيته ، وأرادوا تمليك بعض ولد أبريت ، فقال بعض الوزراء قد علمتم فضل ابنته حوريا وحكمتها وما كانت تنكر على أبيها في أفعاله ، وما صنعت به حتى أراحت الناس منه فأين تذهبون عنها؟ وتبعه على ذلك أكثر القواد الكبار فتم لها الملك.
وملكت حوريا المملكة ، وجلست على سرير الملك ، ودخل عليها الناس فهنأوها ودعواها ، فأكرمتهم ووعدتهم بالاحسان ، واخذت في جمع الأموال وفي حفظها.
فلم تلبث إلا يسيرا حتى اجتمع عندها من الأموال والحلي والجوهر والثياب ما لم يجتمع لملك قبلها وقدمت الحكماء والكهنة ورؤساء السحرة ، ورفعت أقدارهم.
وأمرت بتجديد الهياكل وإعظامها ، وصار من لم يرضها ولا يرضى بفعلها يشيع خبرها إلى أبريت ، فملكوا عليهم رجلا م ولد أبريت يقال له انداحس ، فعقد على رأسه تاجا وصار إليه جماعة من بني عمه وأهل بيته ، فأنفذت إليه جيشا تحاربه ، فلما رأى أنه لا طاقة له بها دعاها إلى الصلح وخطبها إلى نفسه وذكر لها ان الملك لا يقوم إلا بالرجال ، وخوفها ان يزول ملكهم بسببها ومكانها من الملك.
فعملت صنيعا وأمرت ان يحضر الناس على منازلهم فحضروا واكلوا وشربوا وبذلت لهم الأموال ، وعرفتهم ما جرى إليه ذلك الرجل من خطبتها فبعضهم صوب الرأي وبعضهم امتنع ، وقال لا نولي علينا غيرها لمعرفتنا بعقلها وفضلها وحكمتها ، وهي وارثة الملك.
ووثبوا على نفر ممن خالفهم فقتلوهم ، ثم خرجوا في جيش كثير ، فلقوا