قلوبنا إلى طاعتك. والخبر الذي يرويه أنس قال رسول الله : ما من قلب آدمي إلا وهو بين اصبعين من اصابع الله تعالى ، فإذا شاء ان يثبته ثبته واذشاء ان يقلبه قلبه؟. (الجواب) : قلنا ان لمن تكلم في تأويل هذه الاخبار ولم يدفعها لمنافاتها لادلة العقول ان يقول ان الاصبع في كلام العرب وان كانت هي الجارحة المخصوصه ، فهي أيضا الاثر الحسن. يقال لفلان على ماله وابله اصبع حسنة. اي قيام واثر حسن. قال الراعي واسمه عبيد الله بن الحصين ويكنى بأبي جندل ، يصف راعيا حسن القيام على ابله : ضعيف العصى بادي العروق ترى له * عليها إذا ما اجدب الناس اصبعا وقال لبيد : من يبسط الله عليه اصبعا * بالخير والشر بأي أولعا يملا له منه ذنوبا مترعا وقال الآخر : أكرم نزارا واسقه المشعشا * فإن فيه خصلات اربعا مجدا وجودا ويدا واصبعا فإن الاصبع في كل ما أوردناه المراد به الاثر الحسن والنعمة ، فيكون المعنى ما من آدمي الا وقلبه بين نعمتين لله تعالى جليلتين. فإن قيل : فما معنى تثنية النعمتين ونعم الله تعالى على عباده لا تحصى كثرة. قلنا : يحتمل ان يكون الوجه في ذلك نعم الدنيا ونعم الآخرة ، وثناهما لانهما كالجنسين أو النوعين. وان كان كل قبيل منهما في نفسه ذا عدد كثير. ويمكن ان يكون الوجه في تسميتهم الاثر الحسن بالاصبع هو من حيث يشار إليه بالاصبع اعجابا وتنبيها عليه ، وهذه عادتهم في تسمية الشئ بما يقع عنده وبما له به علقة وقد قال قوم ان الراعي اراد ان يقول يدا في موضع اصبع ، لان اليد النعمة ، فلم يمكنه. فعدل عن اليد إلى الاصبع لانها من اليد. وفي هذه الاخبار وجه آخر وهو أوضح من الوجه الاول واشبه بمذهب العرب وتصرف ملاحن كلامها ، وهو ان يكون الغرض في ذكر الاصابع الاخبار عن تيسير تصريف القلوب وتقليبها والفعل فيها عليه عزوجل ، ودخول ذلك تحت قدرته ، ألا ترى أنهم يقولون هذا الشئ في خنصري واصبعي وفي يدي وقبضتي. كل