ذلك إذا أرادوا وصفه بالتيسير والتسهيل وارتفاع المشقة فيه والمؤونة وعلى هذا المعنى يتأول المحققون قوله تعالى : (والارض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه) فكأنه صلى الله عليه وآله لما اراد المبالغة في وصفه بالقدرة على تقليب القلوب وتصريفها بغير مشقة ولا كلفة ، قال إنها بين اصابعه كناية عن هذا المعنى واختصارا للفظ الطويل يه. وقد ذكر قوم في معنى الاصابع على أنها المخلوقات من اللحم والدم استظهارا في الحجة على المخالف وجها آخر ، وهو أنه لا ينكر أن يكون القلب يشتمل عليه جسمان على شكل الاصبعين ، يحركه الله بهما ويقلبه بالفعل فيهما. ويكون وجه تسميتهما. بالاصبعين من حيث كانا على شكلهما. والوجه في اضافتهما إلى الله تعالى. وان كانت جميع افعاله تضاف إليه بمعنى الملك والقدرة ، لانه لا يقدر على الفعل فيهما وتحريكهما منفردين عما جاوزهما غيره تعالى ، وقيل إنهما اصبعان له من حيث اختص بالفعل فيهما على هذا الوجه. وهذا التأويل وان كان دون ما تقدمه فالكلام يحتمله ، ولابد من ذكر القوي والضعيف إذا كان في الكلام له ادنى احتمال. في قول سيدنا محمد إن الله خلق آدم على صورته : (مسألة) : فإن قيل فما معنى الخبر المروي عن النبي صلى الله عليه وآله انه قال : «ان الله خلق آدم على صورته» ، أو ليس ظاهر هذا الخبر يقتضي التشبيه وان له تعالى عن ذلك صورة. (الجواب) : قلنا قد قيل في تأويل هذا الخبر أن الهاء في قوله في صورته ، إذا صح هذا الخبر راجعة إلى آدم (ع) دون الله ، فكان المعنى انه تعالى خلقه على الصورة التي قبض عليها ، وأن حاله لم يتغير في الصورة بزيادة ولا نقصان كما تتغير احوال البشر. وذكر وجه ثان : وهو ان تكون الهاء راجعة إلى الله تعالى ، ويكون المعنى انه خلقه على الصورة التي اختارها واجتباها ، لان الشئ قد يضاف على هذا الوجه إلى مختاره ومصطفيه. وذكر ايضا وجه ثالث : وهو ان هذا الكلام خرج على سبب معروف لان الزهري روي عن الحسن أنه كان يقول : مر رسول الله صلى الله