الاستفهام. فأما قوله تعالى : (فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الاليم) فأجود ما قيل فيه انه عطف على قوله (ليضلوا) وليس بجواب لقوله (ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم) وتقدير الكلام (ربنا إنك أتيت فرعون وملاه زينة واموالا في الحياة الدنيا ، ربنا ليضلوا عن سبيلك ، ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الاليم.) وهذا الجواب يطابق أن يكون اللام للعاقبة ، وأن يكون المعنى فيها لئلا يضلوا أيضا. وقال قوم انه أراد (فلن يؤمنوا) فابدل الالف من النون الخفيفة. كما قال الاعشى : وصل علي حين العشيات والضحى * ولا تحمد المثرين والله فاحمدا اراد فاحمدن ، فابدل النون الفا ، وكما قال عمر بن ابي ربيعة : وقمير بدا ابن خمس وعشرين * له قالت الفتاتان قوما اراد قومن. ومما استشهد به ممن أجاب بهذا الجواب الذي ذكرناه آنفا في ان الكلام خبر ، وإن خرج مخرج الدعاء. وما روي عن النبي صلي الله عليه وآله من قوله : «لن يلدغ المؤمن من جحر مرتين». وهذا نهي ، وإن كان مخرجه مخرج الخبر. وتقدير الكلام : لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين. لانه لو كان خبرا لكان كذبا. وإذا جاز أن يراد بما لفظه لفظ الخبر النهي ، جاز أن يراد بما لفظه لفظ الدعاء الخبر. فيكون المراد بالكلام «فلن يؤمنوا». وقد ذكر ابو علي الجبائي ان قوما من أهل اللغة قالوا أنه تعالى نصب قوله تعالى : (فلا يؤمنوا) وحذف منه النون. وهو يريد في المعنى «ولا يؤمنون» على سبيل الخبر عنهم ، لان قوله تعالى (فلا يؤمنوا) وقع موقع جواب الامر الذي هو قوله : (ربنا اطمس على اموالهم واشدد على قلوبهم) فلما وقع موقع جواب الامر وفيه الفاء ، نصبه بأضمار أن ، لان جواب الامر بالفاء منصوب في اللغة. فنصب هذا لما أجراه مجرى الجواب ، وان لم يكن في الحقيقة جوابا. ومثله قول القائل «انظر إلى الشمس تغرب» (بالجزم) ، وتغرب ليس هو جواب الامر على الحقيقة ، لانها لا تغرب لنظر هذا الناظر ، ولكن لما وقع موقع الجواب اجراه مجراه في الجزم ، وان لم يكن جوابا في