ونادى منادي الكوفة ـ الصلاة جامعة ـ ، واجتمع الناس فخرج الحسن عليهالسلام ، وصعد المنبر ، فحمد اللّه وأثنى عليه ثم قال :
« أما بعد ، فان اللّه كتب الجهاد على خلقه وسماه كرها ، ثم قال لاهل الجهاد : اصبروا ان اللّه مع الصابرين. فلستم أيها الناس نائلين ما تحبون الا بالصبر على ما تكرهون. انه بلغني أن معاوية بلغه أنا كنا أزمعنا على المسير اليه فتحرك. لذلك اخرجوا رحمكم اللّه الى معسكركم في النخيلة (١) حتى ننظر وتنظرون ، ونرى وترون ».
قال مؤرخو الحادثة : « وسكت الناس فلم يتكلم أحد منهم ولا أجابه بحرف ».
ـ ورأى ذلك « عديّ بن حاتم » وكان سيد طيء والزعيم المرموق بسوابقه المجيدة في صحبته للنبيّ والوصيّ معاً ( صلى اللّه عليهما ) فانتفض انتفاضته المؤمنة الغضبى ، ودوّى بصوته الرزين الذي هز الجمع ، فاستدارت اليه الوجوه تستوعب مقالته وتعنى بشأنه ـ وفي الناس كثير ممن عرف لابن حاتم الطائي ، تاريخه وسؤدده وثباته على القول الحق ـ واندفع الزعيم محموم اللهجة قاسي التقريع ، يستنكر على الناس سكوتهم ، ويستهجن عليهم ظاهرة التخاذل البغيض.
وقال :
« أنا عديّ بن حاتم ، ما أقبح هذا المقام!. ألا تجيبون امامكم وابن
__________________
١ ـ تصغير نخلة ، موضع قرب الكوفة على سمت الشام ، اقول : ويوجد اليوم على سمت كربلاء بناية تعرف بخان النخيلة ، بينها وبين الكوفة اثنا عشر ميلاً.