قال المفيد في الارشاد (١٦٩) : « وبعث الحسن حجر بن عديّ فأمر العمال ـ يعني امراء الاطراف ـ بالمسير ، واستنفر الناس للجهاد ، فتثاقلوا عنه ، ثم خفوا ، وخف معه اخلاط من الناس ، بعضهم شيعة له ولابيه ، وبعضهم محكّمة يؤثرون قتال معاوية بكل حيلة ، وبعضهم أصحاب فتن وطمع بالغنائم ، وبعضهم شكّاك ، وبعضهم أصحاب عصبية اتبعوا رؤساء قبائلهم لا يرجعون الى دين .. (١) ».
اقول : علمنا مما سبق قريباً ان جيش الحسن تألف من زهاء عشرين الفاً ، أو يزيد قليلاً ، ولكنا لم نعلم بالتفصيل الطريقة التي اتخذت لتأليف هذا الجيش. والمعتقد انها كانت الطريقة البدائية التي لم تدخلها التحسينات المكتسبة بعد ذلك. وهي ـ اذ ذاك ـ الطريقة المتبعة في التجمعات الاسلامية مع القرون الاولى في الاسلام ، وهي الطريقة التي لا تشترط لقبول الجندي أو لقبول المجاهد أيّ قابليات شخصية ، ولا سناً خاصة ، ولا تنزع في مناهج تجنيدها الى الاجبار بمعناه المعروف اليوم. وللمسلم القادر على حمل السلاح وازعه الديني حين يسمع داعي اللّه بالجهاد فاما ان يبعث فيه هذا الوازع ، الشعور بالواجب فيتطوع بدمه في سبيل اللّه. واما ان يكون المغلوب على أمره بدوافع الدنيا ، فيخمد في نفسه هذا الشعور ، ويحرم نصيبه من الاجر ومن الغنيمة اذا قدّر لهذه الحرب الظفر والغنائم.
اما النظم الحديثة المتبعة اليوم في الاجبار على خدمة العلم ، ودعوة ( مواليد ) السنوات المعينة ، وفحص القابليات المحدودة ، فلم تكن يومئذ
__________________
١ ـ وروى هذا النص الاربلي في كشف الغمة ( ص ١٦١ ) والبحار ( ج ١٠ ص ١١٠ ).