لعل أفضل طريقة للاستعانة على تجلية موضوعنا في هذا الفصل ، ان نبدأه بشيء من الكشف الصريح عن المعنيين المختلف عليهما « للخلافة » في عرف المسلمين. وللكلام على الخلافة [ أو حواليها ] ، خطره ومسؤوليته لدى واحد من الجانبيين غالباً ، ولديهما معا أحيانا.
ونحن اذ نفهرس الخلافة هنا كما هي عند الفريقين ، لا نريد أن نأخذ من موضوعها الا بمقدار ما يتصل منه بموضوعنا.
ونريد مع ذلك أن نعمد ـ أسطراداً ـ وعلى ضوء ما نضعه من صيغة البحث ، الى تقريب النظريتين المختلفتين ، تقريبا جديرا بأن يخلق من بذرتنا هذه شجرة الاصلاح ، لو وجد الاصلاح في هذه التربة سبيلا للازدهار ، ولا خطر ولا مسؤولية لدى أحد الجانيين ولا لديهما معاً مما نريد ، بل هو الخير كله ، وما في الاصلاح الا الخير للكل.
فنقول : الخلافة هي النيابة العامة عن النبي صلى الله عليه واله ، في رياسة المسلمين بعد وفاته ، ولها على الناس الطاعة ، وللناس عليها العمل بكتاب الله وسنة رسوله (ص).
واعتاد فريق من المسلمين أن يتقبلوا لهذه النيابة عن النبي (ص) أحدهم فيما لو استطاع أن يدّعيها لنفسه ، اما بالقوة ، كخلافة معاوية الذي « نال الخلافة بحدّ السيف تارةً وبالمكيدة والسياسة تارةً اخرى (١) » ، وكخلافة ابن الزبير ، وأبى العباس السفاح ، وعبدالرحمن الناصر ، وآخرين ، وامّا بالعهد اليه من سلفه الذي كان أخذها بالقوة أو بسبب
__________________
١ ـ تاريخ الاسلام السياسي ( ج ١ ص ٣٩٦ ).