ما كان من السهل الانصياع الى هذه النبالة في « رقمها القياسي » الذي لا تحلم بمثله كبريات النفوس مهما بلغ بها انكار الذات ، لو لا ما أودع الله في هذه النفس من القوة وألصبر وألاحتمال وألكبرياء على الحياة.
وأين تكون التضحية في سبيل الله والفناء في ذات الله والعمل في جنب الله الا حين تستقيم النفس سافرة لا تلتمس ريبة ، صريحة لا تتكلف مداراة ولا مداورة ولا استخفاء ، مجاهدة جهادها الاكبر في تحطيم ميولها الشخصية ، ومعاكسة طبيعتها البشرية بكبح جماحها الارضي الانانيّ.
وها هي ذي « الامامة » بكل معانيها المنقطعة الى الله وها هو ذا « الامام » المنقطع الى الله بكل معانيه.
واذا لم يكن الظرف القائم بين يديه ، كافيا للانتصار على الباطل فلم لا يتخذ منه ظرفا كافيا للاحتفاظ بالحق؟
وذلك هو ما انتهت اليه صورة الموقف ، بعد أن رفع الستار عن نوايا الجماهير التي كانت ترتجز أمامه للجهاد ، وتتركز في حقيقتها على الاغراض.
واذا كان لا يردّ عادية معاوية عن الاسلام الصحيح ، متمثلا في الصفوة من آل محمد (ص) والبقية الباقية من حزب الله المخلصين ، ولا يردّ أجناده من أهل الشام ، ورتله الخامس المتغلغل في صميم الكوفة وفي معسكر الامام الا الغلب على الملك .. فلتكن لهذه الايدى العادية الضارية غنيمتها من الدنيا ، بشهواتها ومطامعها ومضارها ومعايبها ، ولتسلم للحسن وللبقية من حزب الله ، مبادئُهم الروحية ، بجلالها وقوتها وأتساعها وعظمتها وخلودها.