معاوية في مضطربه مع الحسن ، حين يوجد الحسن في الشام [ بعد الصلح ] أو حين يوجد هو في المدينة.
وكانت مجالس يستعد لها معاوية ، بالاقوياء من أصدقائه الخلّص واقرابئه الأدنين ، الذين يساهمونه النظر الى أهل البيت عليهمالسلام كالعائق لهم عن النفوذ الى قلوب الناس ، فيجمع اليه ـ عمرو بن العاص ، عتبة بن أبي سفيان ، وعمرو بن عثمان بن عفان ، والمغيرة بن شعبة ، والوليد بن عقبة بن أبي معيط ، ومروان بن الحكم ، وعبد الله بن الزبير ، وزياد أبن ابيه ، وربما جمع بعض هؤلاء دون بعض ، وربما ضم اليهم آخرين. ثم يدعو الحسن عليهالسلام ، فلا يزال يبرز لمشاجرته رجال الحلبة من هذا الحزب ، الواحد تلو الاخر ، مشبوب الحفيظة ، وارم الانف لا يدع شيئا يقدر عليه فيما يتحدّى به الحسن الا أتاه ، ليشفي نفسه وليرضي هواه ، فاذا هي مؤامرة في أسلوب مشاجرة.
أما الحسن عليهالسلام وهو « الصخرة الململمة التي تنحط عنها السيول ، وتقصر دونها الوعول ، ولا تبلغها السهام » ـ على حد تعبير عبد الله بن جعفر عنه (١) ـ ، فقد كان له من براءة القلب وروحانية النفس وشعار الطهر ، ما يربأ به عن النزول الى مثل مهاتراتهم.ولكنه كان يجيبهم وهو يقول : « أما والله لوالا أن بني أمية تنسبني الى العجز عن المقال لكففت تهاونا ».
ويردّ عليهم بالحجة القوية البالغة التي ترغم ذلك العناد الصاعد ليعود استكانةً وهزيمةً و ذهولاً.
ويسعرض في بعض ردوده عليهم ، ميراث النبوة وولاية الامر ، فيستدرجهم ببديهته التي تغترف من بحره المتدفق الزاخر ، الى الاعتراف له بحقه وبحق أبيه.
ويمضي قائلاً فلا يزال بهم ، حتى يجزيهم على بذاءتهم المنكرة ، غير
__________________
١ ـ يراجع المحاسن والمساويء للبيهقي ( ج ١ ص ٦٢ ).