مستعين ـ مثلهم ـ بالكذب ، ولا متذرع ـ مثلهم ـ بالبذاء. بل يطعن كلاً على انفراده ، فيصيب منه أبرز مقوّماته ، في نسبه المعروف أو حسبه الموصوف ... وان أبلغ حدياك لخصمك ، أن تمسه في غروره وفي صميم مزاياه التي يخالها مناط أمجاده ، ومرتكز شخصيته.
وكان الحسن في كل هذه المجالس ، الغالب القوي الى جانب الضعفاء المغلوبين.
وكان أشد القوم شعورا بالضعف والتماسا للهزيمة [ في هذه المجالس ] كبيرهم الذي كان أكثرهم وسائل في القوة المادية الطيعة لاوامره ، وكان يغيظه أن يرى أشلاء اخوانه وبني عمومته ، مضرجةً بطعناتها النجل ، عند نهاية كل شجار.
فيقول لهم آنذاك : « قد كنت أخبرتكم وأبيتم ، حتى سمعتم ما أظلم عليكم بيتكم وأفسد عليكم مجلسكم! ».
ويقول لهم : « قد انبأتكم أنه ـ يعني الحسن ـ ممن لا تطاق عارضته! ».
ويقول وهو يخاطب مروان بن الحكم : « قد كنت نهيتك عن هذا الرجل ، وأنت تأبى الا انهماكا فيما يعنيك ، اربع على نفسك ، فليس أبوك كأبيه ، ولا أنت مثله. أنت ابن الطريد الشريد ، وهو ابن رسول الله صلى الله عليه واله الكريم ، ولكن رب باحث عن حتفه ، وحافر عن مديته ».
ويقول لعمرو بن العاص مؤنبا ومحرضا : « طعنك أبوه ـ يعني أمير المؤمنين عليهالسلام ـ فوقيت نفسك بخصييك ، فلذلك تحذره! ».
ويقول له في مجلس اخر : « لا تجار البحار فتغمرك ، ولا الجبال فتبهرك ، واسترح من الاعتذار! ».
و يندم ابن الزبير ، وهو اذ ذاك من ندماء معاوية ، على مشاجرته للحسن (ع) ، فيعتذر قائلا : « اعذر ابا محمد فما حملني على محاورتك الا هذا ـ ويشير الى معاوية ـ ، أحبَّ الاغراء بيننا ، فهلا اذ جهلت أمسكتَ عني ، فانكم أهل بيت سجيتكم الحلم والعفو .. ».