فيقول له معاوية وقد عزّ عليه أن يسمعه وهو يعتذر الى الحسن اعتذار المنهزم المغلوب : « أما انه قد شفى بلابل صدري منك ، ورمى مقتلك فصرت كالحجل في كف البازيّ ، يتلاعب بك كيف أراد ، فلا أراك تفتخر على أحد بعدها! ».
ويقول في أعقاب مشاجرة اشترك فيها ابن العاص ومروان وأبن سمية في جهة ، وألحسن بن علي (ع) في جهة ، ما لفظه : « أجاد عمرو الكلام لولا أن حجته دحضت ، وتكلم مروان لولا أن نكص » ، ثم التفت الى زياد وقال : « ما دعاك الى محاورته ، ما كنت الا كالحجل في كف البازي! ».
فقال عمرو : « الا رميت من ورائنا؟ » ، قال معاوية : « اذاً كنت شريككم في الجهل ، أفاخر رجلاً جده رسول الله وهو سيد من مضى ومن بقي ، وأمه فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين ». ثم قال لعمرو : « والله لئن سمع به اهل الشام ، لهي السوءة السوءاء » ، فقال عمرو : « لقد ابقى عليك ، ولكنه طحن مروان وزيادا طحن الرحى بثفالها ، ووطئهما وطء البازل القراد بمنسمه! » ، فقال زياد : « قد والله فعل ، ولكن معاوية يأبى الا الاغراء بيننا وبينهم ».
وهكذا شهد على معاوية بالاغراء على هذه المهاترات كل من ابن الزبير ورياد صريحا ، وشهد عليهالسلام في الكثير من ردوده عليهم. قالوا : « وخلا عبدالله بن عباس بالحسن ، فقبّل بين عينيه وقال : « أفديك يا ابن عم والله ما زال بحرك يزخر ، وانت تصول حتى شفيتني من أولاد .... (١) ».
__________________
١ ـ يراجع المحاسن والمساوىء للبيهقي ( ج ١ ص ٥٩ ـ ٦٤ ) ، والعقد الفريد ( ج ٢ ص ٣٢٣ ) ، والبحار ( ج ١٠ ص ١١٦ ).
وتجد خطب الحسن عليهالسلام في هذه المشاجرات مجتمعة في كتابنا « أوج البلاغة » ـ فيما اثر عن الامامين الحسنين من الخطب والكتب والكلمات ـ مشروحا.