ويقول في خطابه التاريخي في المدائن « انا واللّه ما يثنينا عن أهل الشام شك ولا ندم .. ».
ويقول لابي سعيد فيما نقلناه عنه آنفاً : « علة مصالحتي لمعاوية علة مصالحة رسول اللّه لبني ضمرة وبني أشجع ولاهل مكة ، حين انصرف من الحديبية ، اولئك كفار بالتنزيل ، ومعاوية وأصحابه « كفار » بالتأويل.
اذاً ، فما سالم معاوية رضا به ، ولا ترك القتال جبناً عن القتال ، ولا تجافى عن الشهادة طمعاً بالحياة ، ولكنه صالح حين لم يبق في ظرفه احتمال لغير الصلح ، وبذلك ينفرد الحسن عن الحسين ، اذ كان للحسين محرجان ميسّران من ظرفه ـ الشهادة والصلح ـ ولن يتأخر افضل الناس عن أفضل الوسيلتين ، اما الحسن فقد اغلق في وجهه طريق الشهادة ، ولم يبق أمامه الا باب واحد لا مندوحة له ومن ولوجه.
وأقول ذلك وانا واثق بما أقول.
وقد يبدو مستغرباً قولي [ أغلق في وجهه طريق الشهادة ] ، وهل شهادة المؤمن الذي نزل للّه عن حقه في حياته ، الا أن يقتحم الميدان مستقتلاً في سبيل اللّه ، تاركاً ما في الدنيا للدنيا ، وبائعاً للّه نفسه تنتاشه السيوف ، وتنهل من دمه الاسنة والرماح ، فاذا هو الشهيد الخالد. وكيف يغلق مثل هذا على مجاهدٍ له من ميدانه متسع للجهاد؟. وللحسن ميدانه الذي يواجه به العدوّ في « مسكن » ، فلماذا لم يخفَّ اليه؟. ولم لم نسمع أنه وصله أو بارز العدوّ فيه ، أو اقتحمه اقتحامة الموت ، يوم ضاقت به الدنيا ، فسدّت في وجهه كل باب الا باباً واحداً؟. وانه لو فعل ذلك فبرز الى ميدانه مستميتاً ، لاستمات بين يديه عامة شيعته المخلصين لاهدافه ، فانما كانوا ينتظرون منه كلمته الاخيرة لخوض غمرات الموت.
نعم ، ومن هنا كان مهبّ الرياح التي اجتاحت قضية الحسن بين قضايا أهل البيت عليهمالسلام ، ومن هنا جاءت الشبهات التي نسجت هيكل المشكلة التاريخية التي لغا حولها اللاغون ما شاء لهم اللغو ، فزادوا