الواقع تعقيداً وابتعاداً به عن فهم الناس.
ثم كان من طبيعة هذا اللغو ـ أبعد ما يكون عن التغلغل في الصميم من تسلسل الحوادث ـ أن يرتجل الاحكام ، وأن يتناول قبل كل شيء سياسة الحسن فينبزها بالضعف ، ويتطاول عليها بالنقد غير مكترث ولا مرتاب.
وسنرى بعد البحث ، أيّ هاتيك الآراء مما اختاره الحسن أو مما افترضه الناقدون ، كان أقرب الى الصواب ، وانفذ الى صميم السياسة.
وما كان الحسن في عظمته بالرجل الذي تستثار حوله الشبه ، ولا بالزعيم الذي يسهل على ناقده أن يجد المنفذ الى نقده والمأخذ عليه.
واذ قد انتهينا الآن عامدين ، الى مواجهة المشكلة في صميمها ، وبما حيك حولها من نقدات ونقمات ، فمن الخير أن نسبق الكلام على حلها ، باستحضار حقائق ثلاث ، هنَّ هنا أصابع البحث التي تمتد بتدّرج رقيق الى كشف الغطاء عن السرّ ، فاذا الموضوع كله وضوح بعد تعقيد ، وعذر بعد نقمة ، وتعديل بعد تجريح.
الاولى في بيان معنى الشهادة.
والثانية في رسم صورة مصغرة عن الواقع الذي حاق بالحسن في لحظاته الاخيرة في « المدائن ».
والثالثة في خطة معاوية تجاه أهداف الحسن عليهالسلام.
وسيجرنا البحث الى التلميح بحقائق تقدم عرضها في أطواء دراستنا السابقة في الكتاب ، ولكن الحرص على استيفاء ما يجب أن يقال هنا ، هو الذي سوّغ لنا هذا التجاوز فرأيناه جائزاً.
١ ـ الشهادة في اللّه :