وما كان بدعاً من محاولات معاوية فيما يهدف اليه ، أن يبتدر هو الى طلب الصلح (١) ، فيعطي الحسن كل شرط ، ليأخذ عليه شرطاً واحداً هو « الملك ».
وقرر معاوية خطته هذه ، في بحران نشاط الفريقين للحرب ، وكان في توفره على تنفيذ هذه الخطة ، أعنف منه في عمله لتنظيم المعسكرات وتدبير شؤون الحرب. ورأى ان يبادئ الحسن بطلب الصلح ، فان أجيب اليه فذاك ، والا فلينتزعه انتزاعاً ، دون أن يلتحم والحسن في قتال.
وكان عليه قبل كل شيء ، أن يصطنع في سبيل التمهيد الى غايته ، ظرفاً من شأنه ان ينبّه خصومه الى تذكر الصلح.
ومن هنا طلعت على معسكرات الحسن عليهالسلام ، الوان الاراجيف ، وعمرت سوق الرشوات ، وجاء في قائمة وعوده التي خلب بها ألباب كثير من الزعماء أو المتزعمين : رئاسة جيش ، وولاية قطر ، ومصاهرة على أميرة اموية!! .. وجاء في أرقام رشواته النقدية الف الف [ مليون ]!.
واستعمل في سبيل هذه الفكرة كل قواه وكل مواهبه وكل تجاربه ، واستجاب له كثير من باعة الضمائر الذين كانوا لا يفارقون الحسن ظاهراً فاذا هم عيون معاوية التي ترى ، وأصابعه التي تعمل ، وعملاؤه الذين لا يدخرون وسعاً في ترويج اهدافه.
__________________
١ ـ هذا هو الصحيح كما دل عليه خطاب الحسن فيما استشار به اصحابه في « المدائن » فقال : « ألا وان معاوية دعانا لامر ليس فيه عز ولا نصفة .. » ، وكما دلت عليه مصادر أخرى خلافاً لبعض المؤرخين الآخرين ، والترجيح لخطاب الحسن عليهالسلام.