كانت السياسة الاموية التي وضعها معاوية ثم تبعه عليها الامراء الامويون من بعده ، هي أن يخلقوا من أنفسهم سادة يستأثرون بكل محمدة في الناس ، فما الكرم ولا الحلم ولا الدهاء ولا الشجاعة ولا الفصاحة الا بعض هباتهم الخاصة التي احتجزوها من دون الناس جميعاً ، وقد وضعوا في سبيل تركيز هذه السياسة المتعمدة ، التاريخ الزائف الذي ظل يفيض بسلسلة من الاحاديث الموضوعة ، والقصص المصطنع ، والاكاذيب المنوعة ، والادعاء الفارغ ، وأمروا الوّعاظ المأجورين ، ومعلمي الكتاتيب في سائر بلدان المملكة الاسلامية ، بدراسة الامالي الاموية بما فيها من مدح زائف أو قدح كاذب ، وعملوا كل ما كان بوسعهم أن يعملوه ليثيروا في قلوب الناشئة من أولاد الناس الغرور بحبهم ، والانقياد المطلق لدهائهم ، فاذا بهذه الناشئة بعد لأي جنود لامية يتخاصمون بدمائهم البريئة لاهدافها ، واذا بسيول الدماء تصبغ بقاع الارض لتستقيم صفوف الخدم والحشم والوكلاء والمقدمين في بلاد الاسياد المتغلبين.
ولم يكن ثمة هدف آخر غير هدف الاستئثار بالسيادة والملك والثراء واللذات الدنيوية الرخيصة ، وهو ما كان يضيق به المعنيون بدينهم من آل محمد صلىاللهعليهوآله ، ومن المسلمين الثابتين على الاخلاص للّه في اسلاميتهم ، ومن هنا كان مبعث الشقاق المتواصل الحلقات بين هذه الطبقة من أموية الاسلام ، وتلك الفئة من حملة تراث الاسلام ودعاته المخلصين.
جاء في تاريخ الطبري ( ج ٧ ص ١٠٤ ) استطراد مقتضب يرفعه الى زيد بن أنس عن الوضع العام الذي كان يرزح تحته معاشر الشيعة في أيام معاوية ، وكان فيما يقوله أحدهم وهو يخاطبهم : « انكم كنتم تقتلون