الكوفة كما يصفها صعصعة بن صوحان العبدي (١) : « قبة الاسلام وذروة الكلام ، ومصان (٢) ذوي الاعلام ، الا ان بها أجلافاً (٣) تمنع ذوي الامر الطاعة وتخرجهم عن الجماعة ، وتلك أخلاق ذوي الهيئة والقناعة ».
مصّرها المسلمون في السنة السابعة عشرة (٤) للهجرة بعد فتح العراق مباشرة.
وكان بناؤها الاول بالقصب ، فأصابها حريق ، فبنيت باللبن وكانت شوارعها العامة بعرض عشرين ذراعاً ـ بذراع اليد ـ ، وأزقتها الفرعية بعرض سبعة أذرع. وما بين الشوارع أماكن البناء وهي بسعة أربعين ذراعاً ، والفطايع وهي بسعة ستين ذراعاً.
وكان المسجد أول شيء خطّوه فيها. فوقف في وسط الرقعة التي أريدت للمدينة. رجل شديد النزع ، رمى الى كل جهة بسهم ، ثم اقيمت المباني فيما وراء السهام ، وترك ما دونها للمسجد وساحته. وبنوا في مقدمة المسجد رواقاً ، أقاموه على أساطين من رخام كان الاكاسرة قد جلبوها من خرائب الحيرة ، وجعلوا على الصحن خندقاً لئلا يقتحمه أحد ببنيان.
وزاد عمران الكوفة زيادة مفاجئة ، حين هاجر اليها أمير المؤمنين عليهالسلام ، فاتخذها مقراً له بعد وقعة الجمل سنة ٣٦ للهجرة وكان دخوله اليها في الثاني عشر من شهر رجب.
__________________
١ ـ تجد ترجمته في « زعماء الشيعة المروعين » في الكتاب ، وروى كلمته هذه المسعودي ( هامش ابن الاثير ج ٦ ص ١١٨ ).
٢ ـ بفتح اوله غلاف القوس.
٣ ـ الجلف هو الغليظ الجافي.
٤ ـ البلاذري في فتوح البلدان والبراقي في تاريخ الكوفة ، وذكره الحموي في المعجم ثم ناقض نفسه اذ قال في مادة « البصرة » : « وكان تمصير البصرة في السنة الرابعة عشرة قبل الكوفة بستة أشهر! ».