__________________
وقال في موضع آخر : فالاولى أن يحمل قوله : يكون بعدي اثنا عشر خليفة على حقيقة البعدية ، فان جميع من ولي الخلافة من الصديق الى عمر بن عبد العزيز أربعة عشر نفسا منهم اثنان لا تصح ولايتهما ولم تطل مدتهما ، وهما : معاوية بن يزيد ، ومروان بن الحكم ، والباقون اثنا عشر نفسا على الولاء. (فتح الباري ١٣ : ١٨٢ وص ١٣).
أقول : لو تأمل الانسان المنصف البصير الى أقوال علماء السنة في تفسير هذا الحديث وتحديد المعنيين الاثني عشر المشار إليهم في الحديث سواء الاقوال التي تطرقنا إليها ام التي لم نشر إليها لعرف الحيرة والاضطراب وكذا التغريب والتشريق والتزلزل عندهم بحيث انهم لم يتحدوا ولم يتفقوا على رأي واحد ، ولا يخفى ما في هذه الاقوال من الضعف والايراد ، وان التطرق الى كل ذلك يخرجنا عن الايجاز المطلوب ، ولذلك ندعو القارئ اللبيب الى مراجعة ما كتب في هذا الموضوع. ولكن أهم تلك النقاط المأخوذة على علماء الجمهور :
١ ـ اننا لو جمعنا بين الاقوال المذكورة التي ذكرت فيها أسماء الخلفاء لرأيناها تزيد عن الاثني عشر.
٢ ـ تلاحظ ان بعض علماء السنة يختلق خلفاء حسب هواه ورأيه فينفي صحة خلافة احدهم والاخرون يثبتونها كما مر عليك في أمر خليفتهم مروان بن الحكم حيث عده بعضهم من الخلفاء ونفاه البعض لكونه غاصبا ، فلو كان هكذا فامر الخلفاء الذين جاءوا بعده واضح.
٣ ـ قيد بعضهم شرط العدالة في الخليفة فلو راجع القراء تاريخ حياة الخلفاء المذكورين لعرف ان أكثر هؤلاء الخلفاء يخرجون عن دائرة العدالة والخلافة حتى لم يبق منهم إلا القليل الواحد أو الاثنين.
٤ ـ وآخر ما نورده من ملاحظاتنا ان التفسير الواقعي والمعنى الصحيح لحديث الائمة الاثني عشر هو معتقد الشيعة التي تذهب الى امامة اثني عشر خليفة كلهم من قريش ، ومن بطن هاشم ، ومن العترة الطاهرة من آل الرسول صلى الله عليه واله ، كما أشار الى ذلك ابن كثير ثم اتهم الشيعة ـ كعادته ـ بالجهل فقال : وليس المراد بهؤلاء الخلفاء الاثني عشر ، الائمة الذين يعتقدون فيهم الاثنا عشرية من الروافض لجهلهم وقلة عقلهم (تفسير ابن كثير ٢ : ٣٤).
وهذه الاحاديث لما كانت إحدى أدلة أحقية الشيعة لاثبات صحة مذهبهم استشكل بعض علماء السنة في الحديث كالشيخ ولي الله المحدث في كتابه قوة العينين في تفضيل الشيخين حيث قال : وقد استشكل في حديث «لا يزال» ووجه الاشكال ، ان هذا الحديث ناظر الى مذهب الاثني عشرية الذين اثبتوا اثني عشر اماما (عون المعبود ١١ : ٣٦٤).