بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ذي الطول والامتنان ، والعز والسلطان ، والعظمة والبرهان والكبرياء والجبروت والالاء ، الذي ز من على اوليائه بهدايته ، ونجاهم من مضلات الاهواء برأفته ، والهمهم الاقرار بتوحيده ، والاخلاص بتمجيده واجده جد من علم ان ما به من نعمة فمن الله مبدأها ، وما مسه من الاسواء فيسوء جنايتة على نفسه جناها ، واستعينه على حوادث الازمان ولو ازب الاوان واستغفره من الذنوب ، واسأله ستر العيوب ، وارغب إليه في الصلاة على سيد المرسلين ، محمد خاتم النبيين واله الطاهرين
(اما بعد) فاني لما تأملت ما عليه الامة من اهوائها ونظرت في سبب مذاهبها واختلاف ارائها واقاويلها وجدت منها الجم الغفير ، والعدد الكثير واهل الغلبة والسطان والغفلة والنسيان ، قد اصطلحوا على تعطيل احكام كتاب الله تعالى ، ودرس معالم رسول الله صلى الله عليه واله وسلم واضاعة حدود دين الله ، واباحة حرامه وحظر حلاله ، فوجدت المتمسك بذلك عندهم حقه مهتضما مهجورا ، وحبله ولايته بينهم مجذوذا مبتورا ، ومودتهم لديهم متروكة وعصمة حريمه فيهم مهتوكة ، وقد اطفؤا بطغيانهم مصابيح دين الله وانواره ، وهدموا معالمه ومناره. وهم مع ذلك يدعون انهم اولياؤه وانصاره واصفياؤه ، والدالون عليه والداعوان إليه ، تخرصا وافتراءا ، وظلما واعتداءا ، فاصبحت امة محمد صلى الله عليه وآله وسلم الا القليل منها لحدود الله تاركة ، ولغير سبل الله سالكة ، ولحقوقه مضيعة ، ولحرمة دينه هاجرة ، ولغير اولياء الله متبعة كأنهم صم لا يسمعون وبهم لا يعقلون قد شملهم البلاء وغلبت عليهم الاهواء وملكتهم الضلالة واهلكتهم الفتن وعدمت فيهم الاحكام والسنن وأحاطت بهم الغيرة والظلم والحيرة ، واستولت عليهم الجهالة والبهم ، حتى ملئت الارض جورا وظلما واعتداء ومعاصي وطغيانا ، فهم في غمرة الجهل يخوضون وفي كل شك وشبهة يتيهون وقد طالت عن الله غفلتهم وفي مضاجع المبتدعين رقدتهم ، وفي مسالك المفترين ضلالتهم ، فهم على الدنيا متكالبون وعلى تكاثرها ومفاخرها منكبون ومن حلها وحراما طالبون قد استباحوا في ذلك الحرام واعرضوا فيه عن التقوى متشتة آرائهم مختلفة اهواؤهم واصبحت معالم الحق فيهم خاملة مهجورة ومنازله مهدومة مغمورة وآثارهم مطموسة مندرسة وسبل الظلالة عندهم مغمورة مشهورة واعلامه منصورة منشورة واصبح المؤمن بينهم غريبا مستضعفا لصدقه والفاسق لديهم معظما لفسقه يختارون غير الخيرة فيسيرون فيهم اسوء سيرة بأحكام الجبابرة وسيرة الاكاسرة ركنوا الى الدنيا طلبا للملك الذي يفنى وطرقوا الجور والظلم طرقا فسلكتها أمم فعل القرون الماضية وسنة اصحاب الخاطئة فيهدمون في كل عام علما ويبنون فيه ظلما حتى خفيت مناهج الحق ودرست طرق الصدق ووضعوا دون الكتاب العزيز الاراء وشهروا بعد نبذ الكتاب الخطاء يقبع كل فرقة منهم اخبارها مولية للحق ادبارها قد نبذوا احكام القرآن وخالفوا جميعا ما فيه الشفاء والبرهان ساهون لاهون عن الورع متمسكون باثارها اهل البدع واموال المستضعفين بينهم تقسم على التداول والظلم مستخرجة منهم بالقهر والغشم لا مانع منهم يدفع ولا دافع يردع فانظروا يا اخواني المؤمنين واهل خلاصة الله العارفين