فحطمه حطما (١) ، وتولول الناس وشتموا أهل الشام ، فقال أمير المؤمنين في أهل الشام : من فيهم خير وماكلهم يرضى بفعل معاوية ، فعودوا السنتكم ذكر الله ، واستكثروا من قول « لاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم » ثم خرج من عسكر معاوية (٢) كريب بن أبرهة من آل ابن ذي يزن وكان مهيباً قوياً يأخذ الدرهم فيغمزه بابهامه فيذهب بكتابته فقال له معاوية : ان عليا يبرز بنفسه وكل احد لا يتجاسر على مبارزته وقتاله ، قال كريب : أنا أبرز إليه ، فخرج إلى صف أهل العراق ونادى : ليبرز الي علي ، فبرز إليه مرتفع بن وضاح الزبيدى فسأله من أنت؟ فعرفه نفسه فقال : كفو كريم وتكافحا فسبقه كريب فقتله ونادى : ليبرز الي أشجعكم أو علي ، فبرز إليه شرحبيل بن بكر وقال لكريب : يا شقي ألا تتفكر في لقاء الله ورسوله يوم الحساب عن سفك الدم الحرام ، قال كريب : إن صاحب الباطل من آوى قتلة عثمان ثم تكافحا فقتله كريب (٣) ، ثم برز إليه الحرث بن الجلاح الشيباني وكان زاهدا صواما قواما وهو يقول :
هذا علي والهدى حقا معه |
|
نحن نصرناه على من نازعه |
ثم تكافحا فقتله كريب فدعا علي عليهالسلام ابنه العباس ـ وكان تاما كاملا من الرجال فأمره بأن ينزل عن فرسه وينزع ثيابه ، ففعل فلبس علي عليهالسلام ثيابه وركب فرسه والبس ابنه العباس ثيابه وأركبه فرسه لئلا يجبن كريب عن مبارزته ، فلما هم علي بذلك جاءه عبد الله بن عدى الحارثى وقال : يا أمير المؤمنين بحق امامتك فائذن لى أبارزه ، فإن قتلته وإلا قتلت شهيداً بين يديك ، فاذن له علي فتقدم إلى كريب وهو يقول :
هذا علي والهدى يقوده |
|
من خير عيدان قريش عوده |
لا يسأم الدهر ولا يؤوده |
|
وعلمه معاجـز وجوده |
__________________
(١) و (٢) و (٣) وقعة صفين / ٢٤٩ و ٣١٥.