ذراعاً ، فقال ادنيها والله عشرة اذرع فادنيتها ، فقال لي : حسبك مكانك ، ثم انشأ الحصين بن المنذر يقول :
لمن راية حمراء يحقق ظلها |
|
إذا قيل قدمها حصين تقدما |
ويقحمها في الصف حتى يزيرها (١) |
|
حمام المنايا تقطر الموت والدما |
تراه إذا ما كان يوم عظيمة |
|
ابى فيه إلا عـزة وتكرما |
جزى الله قوما صابروا في لقائهم |
|
لدى البأس خيرا ما اعطف واحرما |
واكرم صبراً حين يدعى إلى الوغى |
|
إذا كان اصوات الرجال تغمغما |
ربيعة أعني أنهم أهل نجدة |
|
وبأس إذا لاقوا خميساً عرمرما |
ونادت جذام آل مذحج ويحكم |
|
جـزى الله شراً أينا كان اظلما |
أما تتقون الله في حرماتكم |
|
وما قرب الرحمان منها وعظما |
اذقنا ابن هند طعننا وضرابنا |
|
بأسيافنا حتى تولى واحجما |
وانصرف الناس مع الاشتر وهم يعتذرون واقتتلوا واشتجر (٢) القتال فطحطحوا أهل الشام إلى ان حجز بينهم الليل.
« قال رضي الله عنه » : يقال ثار العسكر من مركزه ، وثار القط من مجاثمه والتقوا ، فثار هؤلاء في وجوه هؤلاء وثاوره وساوره : واثبه. يقال : تغمغم الفريق ، والتغمغم : الكلام الذي لا يتبين ، والغمغمة : أصوات الثيران عند الذعر ، واصوات الأبطال عند القتال ، والخميس : الجيش ، والعرمرم : الكبير ويقال : طحطح الشيء : إذا فرقه أهلاكا.
قال رضي الله عنه : وروى أنه برز في اليوم التاسع عشر من أصحاب معاوية عثمان بن وائل ، وكان يعد بمائة فارس وله أخ يسمى حمزة يعدهما معاوية للشدائد وجعل عثمان بن وائل يلعب برمحه وسيفه ، والعباس بن الحارث بن عبد المطلب ينظر إليه مع سليمان بن صرد الخزاعي فقال
__________________
(١) يزبرها : يسوقها إليه.
(٢) اشتجر : اشتبك. لسان العرب.