وليس بي قلبة (١) فقال أبي ـ وهو زوج ظئري ألا (٢) ترون كلامه صحيحا؟ ـ وقالت فاطمة : ألا ترون بنيّ كلامه كلام صحيح ـ إني لأرجو أن لا يكون بابني بأس (٣) ، فاتفق القوم على أن يذهبوا بي إلى الكاهن ، فاحتملوني حتى ذهبوا إليه فقصوا عليه قصتي ، فقال : اسكتوا حتى أسمع من الغلام فإنه أعلم بأمره ، فقصصت عليه أمري أوله وآخره ـ وقالت فاطمة : من أوله إلى آخره ـ فلما سمع مقالتي ضمّني إلى صدره ونادى بأعلا صوته قال [يا آل](٤) العرب اقتلوا هذا الغلام واقتلوني معه فو اللّات والعزّى لئن تركتموه (٥) ليبدلن دينكم ، وليسفهنّ أحلامكم ، وأحلام آبائكم ، وليخالفن أمركم ، وليأتين بدين لم تسمعوا بمثله ، قال فانتزعني ظئري من يده. قالت : ـ وقال الخلّال : قال (٦) ـ لأنت أعته منه وأجن ، ولو علمت أن هذا يكون من قولك ما أتيتك به ، ثم احتملوني وردّوني إلى أهلي ، فأصبحت مغموما ـ وقالت فاطمة : مغمرا (٧) ـ بما فعل بي وأصبح أثر الشق ما بين صدري إلى منتهى عانتي ، كأنه شراك (٨) ، فذلك ـ وقالت فاطمة : ذاك ـ حقيقة قولي وبدو شأني».
فقال العامري : أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأن أمرك حقّ ، فائتني (٩) بأشياء أسألك عنها ، قال : «سل عنك» ـ وكان يقول للسّائلين قبل ذلك مثل : عما بدا لك ، فقال يومئذ للعامري : «سل عنك» ـ فإنها لغة بني عامر ، فكلمه بما يعرف. فقال العامري : أخبرني يا ابن عبد المطلب ، ما ذا يزيد (١٠) في الشر؟ قال : «التمادي» قال : فهل ينفع البر بعد الفجور؟ قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «نعم ، إن التوبة تغسل الحوبة ، والحسنات ـ وقالت فاطمة : وإن
__________________
(١) أي ليس به شيء ، وأصله من القلاب ، وهو داء يأخذ الإبل في رءوسها فيقلبها إلى فوق ، وفي اللسان : «ولا يستعمل إلا في النفي».
(٢) بالأصل وخع : «لا» والصواب ما أثبت عن الطبري.
(٣) بالأصل : «يا بني ما تين» وفي خع : بابني ماتين» والمثبت عن الطبري.
(٤) زيادة اقتضاها السياق. وفي خع كالأصل ، وفي الطبري : يا للعرب.
(٥) بعدها بالأصل : «بي» والمثبت يوافق عبارة خع.
(٦) عن خع ، سقطت اللفظة من الأصل.
(٧) كذا بالأصل وخع ، وفي المطبوعة «معرا» يعني متغيرا وجهه وعليه صفرة (قاموس).
(٨) عن الطبري وبالأصل وخع : بيراك.
(٩) في الطبري : فأنبئني.
(١٠) بالأصل وخع : «ما ذا تريد في الشيء» والصواب عن الطبري.