بغلة له شهباء ـ وقال أبو عوانة : بيضاء (١) ـ أهداها إليه ـ وقال أبو عوانة : له ـ فروة بن ثعلبة ـ وقال [أبو](٢) عوانة : بن نفاثة (٣) ـ وهو الصواب الجذاميّ (٤) ، فلما التقى المسلمون والكفّار ، ولى المسلمون منهزمين ـ وقال أبو عوانة : مدبرين ـ فطفق رسول الله صلىاللهعليهوسلم يركض بغلته (٥) نحو الكفّار ، قال عباس : وأنا آخذ بلجامه ـ وقال أبو عوانة : بخطام بغلة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ـ اكفها إرادة أن لا يسرع ، وأبو سفيان آخذ بركاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أي عباس ناد» ـ زاد أبو طاهر : في : وقالا : ـ أصحاب السّمرة (٦) قال عباس : وكنت رجلا صيّتا (٧) ، فقلت بأعلا صوتي : أين أصحاب الشجرة؟ ـ وقال أبو عوانة : السّمرة (٦) ـ قال : فو الله لكأن عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها (٨) ، فقالوا : ألا يا لبيك يا لبيك ، فاقتتلوا هم والكفّار والدّعوة في الأنصار ـ زاد أبو طاهر : يقولون وقالا : ـ ألا يا معشر الأنصار ـ زاد أبو طاهر : يا معشر الأنصار ـ وقالا : ثم قصرت الدعوة على بني الحارث بن الخزرج فقالوا : يا بني الحارث بن الخزرج ، فنظر رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو على بغلته كالمتطاول عليها إلى قتالهم فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «هذا حين حمي الوطيس» (٩).
__________________
(١) هي بغلة واحدة ، قال العلماء لا يعرف له بغلة سواها. وهي التي يقال لها : دلدل.
(٢) زيادة لازمة.
(٣) رسمها وإعجامها مضطربان والصواب ما أثبت عن صحيح مسلم.
(٤) تقرأ بالأصل : الجدائي ، والصواب ما أثبت عن صحيح مسلم.
(٥) يركض بغلته : أي يضربها برجله الشريفة على كبدها لتسرع.
(٦) أصحاب السمرة : هي الشجرة التي بايعوا تحتها بيعة الرضوان ، ومعناه : ناد أهل بيعة الرضوان يوم الحديبية.
(٧) صيّتا أي قوي الصوت ، قال الحازمي في المؤتلف : أن العباس رضي الله تعالى عنه كان يقف على سلع فينادي غلمانه في آخر الليل ، وهم في الغابة ، فيسمعهم ، قال : وبين سلع والغابة ثمانية أميال.
(٨) أي عودهم لمكانتهم وإقبالهم إليه صلىاللهعليهوسلم عطفة البقر على أولادها. أي كان فيها انجذاب مثل ما في الامّات حين حنّت على الأولاد.
قال النووي : قال العلماء : في هذا الحديث دليل على أن فرارهم لم يكن بعيدا ، وأنه لم يحصل الفرار من جميعهم. وإنما فتحه عليهم من في قلبه مرض من مسلمة أهل مكة المؤلفة ومشركيها الذين لم يكونوا أسلموا. وإنما كانت هزيمتهم فجأة لانصبابهم عليهم دفعة واحدة ، ورشقهم بالسهام. ولاختلاط أهل مكة معهم ممن لم يستقر الإيمان في قلبه وممن يتربص بالمسلمين الدوائر. وفيهم نساء وصبيان خرجوا للغنيمة ، فتقدم أخفاؤهم ، فلما رشقوهم بالنبل ولّوا فانقلبت أولاهم على أخراهم إلى أن أنزل الله سكينته على المؤمنين كما ذكر الله تعالى في القرآن.
(٩) هذا حين حمي الوطيس : قال الأكثرون ، هو شبه تنور يسجر فيه. ويضرب مثلا لشدة الحرب التي يشبه